تاريخ مدينة دمشق - ابن عساكر - ج ٣٠ - الصفحة ٤١١
زيد أبا الأعور وأسيد بن الحضير (1) وغيرهما من المهاجرين والأنصار فقال أسيد اللهم أعلمه الخيرة بعدك يرضى الرضا ويسخط السخط الذي يسر خير من الذين يعلن ولن يلي هذا الأمر أحد أقوى عليه منه وسمع بعض أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم) بدخول عبد الرحمن وعثمان على أبي بكر وخلوتهما به فدخلوا على أبي بكر فقال له قائل منهم ما أنت قائل لربك إذا سألك عن استخلافك عمر لعمر (2) علينا وقد ترى غلظته فقال أبو بكر أجلسوني أبالله تخوفوني خاب من تزود من أمركم بظلم أقول اللهم استخلفت عليهم خير أهلك أبلغ عني ما قلت لك من وراءك ثم اضطجع ودعا عثمان بن عفان فقال اكتب بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما عهد أبو بكر بن أبي قحافة في آخر عهده بالدنيا خارجا منها وعند أول عهده بالآخرة داخلا فيها حيث يؤمن الكافر ويوقر الفاجر ويصدق الكاذب إني استخلفت عليكم بعدي عمر بن الخطاب فاسمعوا له وأطيعوا وإني لم آل الله ورسوله ودينه ونفسي وأتاك خيرا فإن عدل فذلك ظني به وعلمي فيه وإن بدل فلكل المرئ ما اكتسب والخير أردت ولا أعلم الغيب " وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون " (3) والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ثم أمر بالكتاب فختمه فقال بعضهم لما أملى أبو بكر صدر هذا الكتاب بقي ذكر عمر فذهب به قبل أن يسمي أحدا فكتب عثمان إني قد استخلفت عليكم عمر بن الخطاب ثم أفاق أبو بكر فقال أقرأ علي ما كتبت فقرأ عليه ذكر عمر فكبر أبو بكر وقال أراك خفت إن أقبلت نفسي في غشيتي تلك فتختلف الناس فجزاك الله عن الإسلام وأهله خيرا والله إن كنت لها أهلا ثم أمره فخرج بالكتاب مختوما ومعه عمر بن الخطاب وأسيد أسد بن سعيد القرظي (4) فقال عثمان للناس أتبايعون لمن في هذا الكتاب فقالوا نعم وقال بعضهم وقد علمنا به قال ابن سعد علي القائل وهو عمر فأقروا بذلك جميعا ورضوا به وبايعوا ثم دعا أبو بكر عمر خاليا فأوصى بما أوصاه ثم خرج من عنده فرفع أبو بكر يديه مدا فقال اللهم إني لم أرد بذلك إلا

(1) بالأصل: " الحضين " وفي م: " وأشهد بن الحصين " والصواب عن ابن سعد.
(2) زيادة عن ابن سعد.
(3) سورة الشعراء، الآية: 227.
(4) بالأصل: " وأسيد أسد بن شعبة القرطي " والصواب عن م وابن سعد.
(٤١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 406 407 408 409 410 411 412 413 414 415 416 ... » »»