تاريخ مدينة دمشق - ابن عساكر - ج ٣٠ - الصفحة ٣٢٤
وكان يحلب للحي أغنامهم فلما بويع له بالخلافة قالت جارية من الحي الآن لا يحلب لنا منايح دارنا فسمعها أبو بكر فقال بلى لعمري لأحلبنها لكم لأرجو أن لا يغيرني ما دخلت فيه عن خلق كنت عليه فكان يحلب لهم فربما قال للجارية من الحي يا جارية أتحبين أن أرغي لك أو أصرح فربما قالت أرغ (1) وربما قالت صرح فأي ذلك قالت فعل فمكث كذلك بالسنح ستة أشهر ثم نزل إلى المدينة فأقام بها ونظر في أمره فقال لا والله ما يصلح أمر الناس التجارة وما يصلح لهم إلا التفرغ والنظر في شأنهم وما بد لعيالي مما يصلحهم فترك التجارة واستنفق من مال المسلمين ما يصلحه ويصلح عياله يوما بيوم ويحج ويعتمر وكان الذي فرضوا له كل سنة ستة (2) آلاف درهم فلما حضرته الوفاة قال ردوا ما عندنا من مال المسلمين فإني لا أصيب من هذا المال شيئا وإن (3) أرضي التي بمكان كذا وكذا للمسلمين بما أصبت من أموالهم فدفع ذلك إلى عمر ولقوح (4) وعبد صقيل (5) وقطيفة ما يساوي (6) خمسة دراهم فقال عمر لقد أتعب من بعده قالوا واستعمل أبو بكر على الحج سنة إحدى عشرة عمر بن الخطاب ثم اعتمر أبو بكر في رجب سنة اثنتي عشرة فدخل مكة ضحوة فأتى منزله وأبو قحافة جالس على باب داره ومعه فتيان أحداث يحدثهم إلى أن قيل له هذا ابنك فنهض قائما وعجل أو بكر أن ينيخ راحلته فنزل عنها وهي قائمة فجعل يقول يا أبت لا تقم ثم لاقاه فالتزمه وقبل بين عيني أبي قحافة وجعل الشيخ يبكي فرحا بقدومه وجاء إلى مكة عتاب بن أسيد وسهيل بن عمرو وعكرمة بن أبي جهل والحارث بن هشام فسلموا عليه سلام عليك يا خليفة رسول الله وصافحوه جميعا فجعل أبو بكر يبكي حين يذكرون رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ثم سلموا على أبي قحافة فقال أبو قحافة يا عتيق هؤلاء الملأ فأحسن صحبتهم فقال أبو بكر يا أبت لا حول ولا قوة إلا بالله طوقت عظيما من الأمر لا قوة

(1) بالأصل: " فلما قالت: ادع " والمثبت عن ابن سعد.
(2) رسمها مضطرب بالأصل، وفي م " ألف درهم " والمثبت عن ابن عدي.
(3) عن م وابن سعد، وبالأصل: وراني.
(4) عن م وابن سعد، وبالأصل: وأبوح.
(5) بالأصل: " صقيل " وفي م: " صقيل " والمثبت عن ابن سعد. والصقيل: شحاذ السيوف وجلاؤها. جمع صياقل وصياقلة (القاموس).
(6) عن ابن سعد وم، وبالأصل: تساوي.
(٣٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 319 320 321 322 323 324 325 326 327 328 329 ... » »»