كتب رجل إلى عبد الله بن جعفر رقعة فجعلها في ثني وسادة (1) التي يتكئ عليها فقلب عبد الله الوسادة فبصر بالرقعة فقرأها فردها في موضعها وجعل مكانها كيسا فيه خمسة آلاف (2) دينار فجاء الرجل فدخل عليه فقال قلب (3) المرفقة فانظر ما تحتها فخذه فأخذ الرجل الكيس وخرج وأنشأ يقول * زاد معروفك عندي عظما * أنه عندك مستور حقير تتناساه كأن لم تأته * وهو عند الله مشهور كبير * أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم أنا أبو الحسن رشا بن نظيف أنا أبو محمد المصري أنا أبو بكر المالكي نا إبراهيم الحربي نا عثمان بن محمد الأنماطي الدشتكي (4) نا عمر بن أبي قيس قال خرج عبد الله بن جعفر إلى حيطان المدينة فبينا هو كذلك إذ نظر إلى أسود على بعض الحيطان وهو يأكل وبين يديه كلب وعبد الله بن جعفر واقف على دابته ينظر إليه فلما فرغ دنا منه فقال له يا غلام لمن أنت فقال لورثة عثمان بن عفان فقال لقد رأيت منك عجبا فقال له وما الذي رأيت من العجب يا مولاي قال رأيتك تأكل فكلما أكلت لقمة رميت للكلب مثلها فقال له يا مولاي هو رفيقي منذ سنين ولا بد أن أجعله كأسوتي في الطعام فقال له فدون هذا يجزيك فقال له يا مولاي والله إني لأستحي من الله أن آكل وعين تنظر إلي لا تأكل ثم مضى عنه حتى أتى ورثة عثمان بن عفان فنزل عندهم فقال جئت في حاجة فقالوا وما حاجتك قال تبيعوني الحائط الفلاني فقالوا له قد وهبناه لك فقال لست آخذه إلا بضعف (5) فباعوه فقال لهم وتبيعوني الغلام الأسود فقالوا له إن الأسود ربيناه وهو كأحدنا فلم يزل بهم حتى باعوه وأنصرف عنهم فلما أصبح غدا على الغلام وهو في الحائط
(٢٧٧)