وقال له لب لله عز وجل بالتوبة من ذنبك ثم قال هو لبيك اللهم بالتوبة من ذنبي وذنب صاحبي ثم التفت إليه فقال من هذا معك قال هذا رفيقنا الذي وجدناه على سيف البحر فالتفت إلي بوجه طلق فقال أما إنه جزاك الله عن رفيقي خيرا قد كنت له أنسا ومستراحا فقلت له هل لك في الصحبة رحمك الله فقال لي نهى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن صحبة الثلاثة لأن لا يتناجى اثنان دون الثالث فقلت فما دمتما بمكة فلما كان الغد حال بيني وبينهما قطار جمال فالتفت أطلبهما فلم أجدهما فلم أزل أسأل عنهما فلم أجد أحدا يعطيني لهما خبرا فإن يكن أحد من الأبدال فهما ذانك الفتيان وأما الاخر فحدثني سفيان الثوري قال بينا أمشي يوما إذ ضرب بيده على كتفي فقال لي يا أبا صالح ألا أحدثك حديثا في الورع فقلت بلى قال (1) بلغني أن المسيح عيسى بن مريم مر بمقبرة فناداها يا أهل القبور تخبرونا أم نخبركم أم عن جوابنا منعتم أما نحن فنخبركم أما أزواجكم فقد استبدلوا بعدكم أزواجا وأما أولادكم فقد حشروا في زمرة اليتامى أما منازلكم التي بنيتم وشيدتم فقد سكنها غيركم وأما أموالكم التي اكتسبتموها فقد أخذها غيركم هذا خبر ما عندنا فما عندكم ثم دنا إلى قبر منها مفرد فضربه برجله وقال أقسمت عليك إلا قمت بإذن الله عز وجل فخرج من القبر رجل فقال ما الذي أردت مني يا روح الله فإني لواقف في الحساب منذ سبعين سنة حتى أتتني الصيحة الساعة أجب روح الله فقال له يا هذا لقد كنت كثير الذنوب في الدنيا فقول والله يا روح الله ما كنت إلا حمالا أحمل على رأسي فأكسب حلالا وأنفق قصدا وأتصدق فضلا فقال سبحان الله حمال على رأسه يكسب حلالا وينفق قصدا ويتصدق فضلا وأنت في الحساب منذ سبعين عاما فقال له وتعجب من ذلك يا روح الله إنه مما وبخني به ربي وعيرني أن قال لي عبدي اكتراك جارك فلان لتحمل له حزمة من قصب فأخذت منها شظية فتخللت بها وألقيتها في غير موضعها استهانة منك بي وأنت تعلم أني أنا الله فوقك أطلع وأرى قال فشاب مقدم رأس عيسى بن مريم من هول ما سمع ثم قال هؤلاء أصحاب الشظايا فما بالكم يا أصحاب الجذوع
(٣٠١)