الحكماء والأحبار ورأسهم أصف فقال أشيروا علي فقال أصف ومن قال منهم إنا نرى أن نتخذ قلالا من نحاس ثم نملأها حجارة ثم نكتب (1) عليها هذا الكتاب الذي في خاتمك لا إله إلا الله وحده لا شريك له ومحمد عبده ورسوله ثم نلقي تلك القلال عليه في الماء فيكون أساس البناء عليه ففعل فثبتت (2) القلال وألقوا الصخر والحجارة عليها وبنى حتى ارتفع البناء وفرق الشياطين في أنواع العمل فكانت الشياطين دأبوا في عمله وجعل فرقة منهم يقطعون معادن الياقوت والزمرد وألوان الجوهر فجعل للشياطين صفا مرصوصا ما بين معدن الرخام إلى حائط المسجد فإذا قطعوا من المعدن حجرا أو أسطوانة تلقاه الأول منهم الذي يلي المعدن ثم الذي يليه فتلقى بعضهم بعضا حتى ينتهي إلى المسجد وجعل يقطع الرخام الأبيض منه مثل بياض اللبن من معدن يقال له السامور ليس بهذا السامور الذي في أيدي الناس ولكن هذا به سمي وإنما دلهم على معدن السامور عفريت من الشياطين كان في جزيرة من جزائر البحر فدلوا سليمان عليه فأرسل إليه بطابع من حديد وكان خاتمه يرسخ في الحديد والنحاس فيطبع إلى الحق (3) بالنحاس ويطبع على الشياطين بالحديد فلا يجيبه أقاصيهم إلا بذلك وكان خاتمه أنزل عليه من السماء حلقته بيضاء وطابعه كالبرق لا يستطيع أحد يملأ منه بصره فلما بعث سليمان إلى العفريت فجاءه فقال له هل عندك من حيلة أقطع بها الصخر فإني أكره صوت الحديد في مسجدنا هذا وصريره للذي أمرنا به من الوقار والسكينة فقال له العفريت ابغني وكر عقاب فإني لا أعلم في الطير أشد من العقاب ولا أنكر (4) منه حيلة فوجدوا وكر عقاب فغطى عليه ترسا من حديد غليظ فجاءه العقاب فنفحه (5) برجله ليقطعه فلم يقدر عليه فحلق في السماء متلطفا فلبث يومه وليلته ثم أقبل ومعه خصين (6) من السامور معترض فتفرقت له الشياطين حتى أخذوه منه
(٢٩٢)