وأعطى الله ذا القرنين تلك القوة والجلادة حتى سار ثمانية عشر يوما وحده لا يقف على سهل ولا جبل ولا حجر ولا شجرة ولا يأكل ولا يشرب ولا ينام ولا يركب إذا سمع صوتا من مسيرة يوم وليلة مثل الرعد القاصف ورأى ضوءا مثل البرق الخاطف وقائل يقول سبحان ربي من منتهى الدهر سبحان ربي من منتهى قدمي من الأرض السابعة سبحان من بلغ رأسي السماء سبحان من بلغ يدي أقصا العالم فلما دنا منه إذا هو بملك قابض على طرفي جبل قاف وهو جبل من زمردة خضراء فلما نظر إليه الملك ظن أنه ملك بعثه الله إليه يأمره أن يزيل الدنيا فقال له آدمي أم ملك قال بل آدمي قال من أين أقبلت قال جاوزت المشرق والمغرب وأنا أسير منذ ثمانية عشر يوما في ظلمة على أرض ملساء قال الملك لم تمش على الأرض وإنما مشيت ساعة من النهار وإنما مشيت على البحر السابع فشك ذو القرنين أن يكون قد مشا على الماء فانغمس في الماء إلى ركبتيه فقال له الملك ابن آدم شككت أنك مشيت على الماء فاستيقن فاستوى على الماء قيل يا أبا سعيد (1) من سماه ذا القرنين قال ذلك الملك فقال له يا ذا القرنين فقال له ذو القرنين لعلك سببتني أو لقبتني إن اسمي غير هذا قال ما سببتك ولا لقبتك ولكنك جاوزت قرن المشرق والمغرب فهذا اسمك واسم من يعمل كعملك قال فما لي أراك قابضا على هذا الجبل قال إن الله جعل هذا الجبل وتد هذه الأرض والجبال من دونه أوتادا وكانت الأرض لا تستقر حتى وضع الله هذا الجبل وأنبت الجبال من هذا كنبات الشجر من عروقها وبعثني أن أمسك هذا الجبل أن لا تزول الدنيا قال فما خلف هذا الجبل قال سبعون حجابا من نار وسبعون حجابا من دخان وسبعون حجابا من ثلج وسبعون حجابا من ظلمة غلظ كل حجاب مسيرة خمسمائة عام ومن خلف هؤلاء حملة الكرسي أرجلهم من تحت الثرى وقد جاوزت رؤوسهم فوق سبع سماوات ولولا هذه الحجب احترقت أنا وهذا الجبل من نورهم قال فما خلف أولئك قال من الحجب بعد ذلك وخلف تلك الحجب حملة العرش قد مرقت أرجلهم أرضين السابعة وجاوزت رؤوسهم فوق السماء السابعة كما بين سبع سماوات إلى سبع أرضين ولولا تلك الحجب لاحترقت
(٣٤٤)