فيا ليت أن الله يغفر ما مضى * ويأذن في توباتنا فنتوب (1) * ثم أطرق انه قد مل فسلمت وانصرفت قال محمد بن العباس فحدث أبي بهذا عبد الله بن المعتز وأنا حاضر اسمع وأنشده الأبيات فقال عبد الله هذه الأبيات لأبي نواس من زهدياته قال محمد بن العباس ونظرت فيما حدثنا به الناس عن أبي عبد الله قال هل رأى أبا نواس فوجدت فيما حدثنا عبد الله بطريق خراسان وهو قاضي الناحية قال سمعت أبي يقول كنت في البصرة في مجلس ابن علية فالتفت فإذا بدعابة وضحك وإذا بأبي نواس يكتب عنه زهدياته قال القاضي أبو الفرج المعافي وقد رويت له هذه الأبيات عن بعض من تقدم أبا نواس من الشعراء واستشهد ببعضها طائفة من النحويين في موضع من فصول النحو وقد ذكرنا من هذا طرقا في موضع غير هذا فلم أر لإعادته في هذا الموضع وجها أنبأنا أبو الفرج الخطيب (2) ثم حدثني أبو إسحاق الخشوعي عنه أنا أبو طاهر مشرف بن علي إجازة أنا أبو حازم محمد بن الحسين قال قرأت على علي بن أحمد بن عمر المقرئ نا محمد بن الحسن بن زياد المقرئ قال قال أبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب النحوي دخلت على أحمد بن حنبل يوما فسمعته يقول كنت في البصرة في بعض مجالس العلماء فرأيت شيخا فسألته عنه فقيل أبو نواس فقلت أنشدني شيئا من شعرك في الزهد فأنشأ يقول:
* إذا ما خلوت الدهر يوما فلا تقل * خلوت ولكن قل علي رقيب ولا تحسبن الله يغفل ساعة * ولا أن ما يخفى عليه يغيب لهونا عن الأيام حتى تتابعت * علينا ذنوب بعدهن ذنوب فيا ليت أن الله يغفر ما مضى * ويأذن في توباتنا فنتوب أقول إذا ضاقت علي مذاهبي * وحل بقلبي للهموم ندوب لطول جناياتي وعظم خطيئتي * هلكت وما لي في المتاب نصيب