أخبرنا أبو سعد (1) هبة الله بن القاسم بن عطاء بن عطاء المهراني إجازة فيما أري أنا أبو نعيم المغفلي (2) حدثني الفقيه أبو نصر أحمد بن جعفر الإسفرايني بها نا الفقيه أبو الحسن الصفار قال كنا عند الشيخ الإمام الزاهد الحسن بن سفيان النسفي (3) وقد اجتمع لديه طائفة من أهل الفضل ارتحلوا إليه من أطباق الأرض والبلاد البعيدة مختلفين إلى مجلسه لاقتباس العلم وكتبة الحديث فخرج يوما إلى مجلسه الذي كان يملي فيه الحديث وقال اسمعوا ما أقول لكم قبل أن نشرع في الإملاء قد علمنا أنكم طائفة من أبناء النعم وأهل الفضل هجرتم أوطانكم وفارقتم دياركم وأصحابكم في طلب العلم واستفادة الحديث فلا يخطرن ببالكم أنكم قضيتم بهذا التجشم للعلم حقا وأديتم بما تحملتم من الكلف والمشاق من فروضه فرضا فإني أحدثكم ببعض ما تحملته في طلب العلم من المشقة والجهد وما كشف الله سبحانه وتعالى عني وعن أصحاب ببركة العلم وصفوة العقيدة من الضيق والضنك اعلموا أني كنت في عنفوان شبابي ارتحلت من وطني لطلب العلم واستملاء الحديث فاتفق حصولي بأقصى المغرب وحلولي بمصر في تسعة نفر من أصحابي طلبة للعلم وسامعي الحديث وكنا نختلف إلى شيخ كان أرفع أهل عصره في العلم منزلة وأدراهم للحديث وأعلاهم إسنادا وأصحهم رواية وكان يملي علينا كل يوم مقدارا يسيرا من الحديث حتى طالت المدة وخفت النفقة ودفعتنا الضرورة إلى بيع ما صحبنا (4) من ثوب وخرقة الآن (5) لم يبق لنا ما كنا نرجو حصول قوت يوم منه وطوينا ثلاثة أيام بلياليها جوعا وسوء حال ولم يذق أحد منا فيها شيئا وأصبحنا بكرة اليوم الرابع بحيث لا حراك بأحد من جملتنا من الجوع وضعف الأطراف وأحوجت الضرورة إلى كشف قناع الحشمة وبذل الوجه للسؤال فلم تسمح أنفسنا بذلك ولم تطب قلوبنا به وأنف كل واحد منا عن ذلك والضرورة تحوج إلى السؤال على كل
(١٠٣)