قال وأنبأنا الحسن بن علي نبأنا محمد بن عبد الله عن عبد الواحد بن زيد (1) أن حبيبا أبا محمد جزع جزعا شديدا عند الموت فجعل يقول بالفارسية أريد أن أسافر سفرا ما سافرته قط أريد أن أسلك طريقا ما سلكته قط أريد أن أزور سيدي ومولاي ما رأيته قط أريد أن أشرف على أهوال ما شهدت مثلها قط أريد أن أدخل تحت التراب فأبقى إلى يوم القيامة ثم أوقف بين يدي الله عز وجل فأخاف أن يقول لي يا حبيب هات تسبيحة واحدة سبحتني في ستين سنة لم يظفر بك الشيطان فيها بشئ فماذا أقول وليس لي حيلة أقول يا رب هوذا قد أتيتك مقبوض اليدين إلى عنقي قال عبد الواحد هذا عبد الله ستين سنة مشتغلا به ولم يشتغل بشئ من الدنيا قط فأيش يكون حالنا وا غوثاه بالله (2).
أخبرنا أبو القاسم الواسطي نبأنا أبو بكر الخطيب حينئذ وأخبرنا أبو القاسم السمرقندي أنبأنا أبو بكر بن الطبري أنبأنا علي بن محمد بن عبد الله المعدل أنبأنا الحسين بن صفوان البرذعي نبأنا عبد الله بن أبي محمد بن أبي الدنيا حدثني محمد بن عمر المقدمي نبأنا سعيد بن عامر نبأنا أبو الفضل كثير بن سيار قال دخلنا على حبيب أبي محمد وهو بالموت فقال أريد أن آخذ طريقا لم أسلكه قط لا أدري ما يصنع بي قلت ابشر يا أبا محمد أرجو أن لا يفعل بك إلا خيرا قال ما يدريك ليت تلك الكسرة الخبز التي أكلناها لا تكون سما علينا انتهى أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم أنبأنا رشأ بن نظيف أنبأنا الحسن بن إسماعيل أنبأنا أحمد بن مروان أنبأنا يوسف بن عبد الله الحلواني أنبأنا عثمان بن الهيثم المؤذن قال قيل لحبيب أبي محمد يا أبا محمد ما لك لا تضحك ولا تجالس الناس ولا نراك أبدا إلا محزونا فقال أحزنني شيئان قلنا وما هما قال وقت أوضع في لحدي فينصرف الناس عني فأبقى تحت الثرى وحدي مرتهنا بعملي والآخر يوم القيامة إذا انصرف الناس عن حوض محمد (صلى الله عليه وسلم) فإنه بلغني أن الرجل في عرصة القيامة فيقول له شربت من حوض محمد (صلى الله عليه وسلم) فيقول له لا فنقول وا حسرتاه فأي حسرة أشد من هذا انتهى