المنصور بن المهدي فكانت على رأسه الفتنة العظمى ثم لم يرد القوم طاعة بعد ذلك إلى أن افتتح دمشق عبد الله بن طاهر في سنة عشر ومائتين وحدثني إبراهيم أن السبب كان في صرفه عن دمشق المرة الأولى انه اشتهى الاصطباح في دار معاوية فأمر بمنع الناس من دخول الدار هربا من ظهور أصوات القيان فأغلقت الأبواب قال وحضر الكاتب وكان يتولى مع كتابتي (1) القهرمة فوقف بالباب وصار إليه بعض الحشم فسأله أن يكتب له إلى صاحب النزل ببعض ما يحتاج إليه فلم يمكن إخراج دواة الكاتب من الدار واستعجله الغلام فأخذ فحمة فكتب له إلى صاحب النزل في خرقة بحاجته ورمى بالفحمة فأخذها سليم حاجبي فكتب على ملبن باب دار الإمارة كاتب يكتب بالفحم في الخرق وحاجب لا يصل ووافى صاحب البريد الباب فقرأ ما كتب به سليم فكتب بذلك إلى الرشيد وأنفذ الكتاب في خريطة بندارية مخلقة فوافت الرقة يوم الرابع وأمير المؤمنين الرشيد بها فساعة نظر في الكتاب وقع بصرفي فوصل الكتاب إلي بالصرف عن دمشق في اخر اليوم الثامن فخرجت عن دمشق إلى الرقة وبها الرشيد فحبسني مائة يوم لم يطلق لي دخول داره وحلف على جعفر بن يحيى بن برمك أن لا يجري له عنده ذكرا سنة كاملة ثم إنه رضي بعد السنة وما زلت أدخل عليه وأنا عنده بالمنزلة التي أريد ورجع إلى ما أريد إلى انقضاء سنتين من عزلي عن دمشق ثم أنه قال لي في كلام جرى بيني وبينه بحقي عليك لما تخيرت ولاية أوليكها فقلت له إن كانت ولاية أخرج إليها فدمشق وإن كانت مما أوجه فيه خليفة اخترت لنفسي فسألني عن سبب اختياري ولاية دمشق فأخبرته باستطابتي هواها واستمرائي ماءها واستحساني مسجدها وغوطتها فقال لي قدرك اليوم عندي يتجاوز ولاية دمشق ولكن إذا كانت محبتك لها هذه المحبة فإني أجمع لك مع ولاية الصلاة والمعاون ولاية الخراج فعقد لي على دمشق وأمر بإنشاء عهدي وكتبي على الخراج ففعل ذلك ثم نفذت إلى دمشق فأقمت بها نحوا من أربع سنين وحدثني إبراهيم أن أمير المؤمنين الرشيد ولاه الموسم سنة ست وثمانين
(١٦٣)