أمعر (1) عليه أقبية ديباج ومنطقة (2) وسيف محليان بالذهب فدخل علي إلى دار معاوية وكنت جالسا في صحنها فسلم من دون البساط فأمرته بالتقدم والجلوس فجلس على الأرض ولم يرتفع إلى البساط فقلت له ارتفع أيها الرجل فقال أيها الأمير إن للبساط ذماما أتخوف أن يلزمني جلوسي عليه ولست أدري ماذا يسومني عليه وإذا اتفقنا أمر قبلت التكرمة وجلست حيث تجلسني فقلت له ما الذي تحب قال أنت والأمير وأنا كالأسير وأنت أحق أن تخبرني بما تريد مني فاعلمته أني أريد منه أن يسلم ويسمع ويطيع فيكون له مالي وعليه ما علي فقال أما السمع والطاعة فأرجو أن لا أخالف فيهما وأما الدخول في الإسلام فهو ما لا سبيل لي إليه فأعلمني أيها الأمير بما لي عندك إذا لم أدخل معك في دينك فأعلمته أنه لا بد له من أداء الجزية إلي وأنه إذا فعل ذلك ولم يخف السبيل ولم يتعد ما لا يجب لأهل الذمة كانت له عندي الحياطة والعناية بمصالح أموره فقال يعفيني الأمير من أداه الجزية فإني أجيب إلى جميع الخصال إن أعفاني (3) من هذه الخصلة الواحدة فأعلمته أنه لا سبيل إليها قال فأنا منصرف على أماني فأمرته بالانصراف وتقدمت إلى الحاجب أن يحضر إناء فيه ماء فيوقف عليه فرسه فإذا خرج من عندي ليركب دابته رآها تشرب من الإناء فلما خرج بصر بدابته دعا بدابة شاكريه فركبها ولم يركب دابته فقال له الحاجب خذ دابتك فقال ما كنت لاخذ معي شيئا قد ارتفق منكم بمرفق فأحاربكم عنه (4) فاستحسنت (5) ذلك منه وأمرت برده علي فلما دخل قلت الحمد لله الذي أظفرني بك بلا عند ولا عهد فقال وكيف ذاك قلت لأنك قد انصرفت من عندي ثم عدت إلي فقال شرطك لي أن تصرفني إلى مأمني فإن كانت دارك مأمني فلست بخائف شيئا وإن كان مأمني داري فردني إلى البلقاء فجهدت به أن يجيبني إلى أداء الجزية لرأسه دينارين على أن أوصل إليه في كل سنة به ألفي دينار فلم يفعل فأذنت له في الرجوع إلى مأمنه فرجع فأسعر الدنيا
(١٦١)