قال (1) وكان هرقل قد بعث رجلا من غسان إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) ينظر إلى صفته وإلى علاماته إلى حمرة في عينيه وإلى خاتم النبوة بين كتفيه وسأل فإذا هو لا يقبل الصدقة فوعى أشياء من حال النبي (صلى الله عليه وسلم) ثم انصرف إلى هرقل يذكر ذلك له فدعا قومه إلى التصديق به (2) فأبوا (3) حتى خافهم على ملكه وهو في موضعه لم يتحرك ولم يزحف وكان الذي خبر النبي (صلى الله عليه وسلم) من بعثته (4) أصحابه ودنوه إلى أدنى الشام باطل لم يرد ذلك ولم يهم به وشاور رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أصحابه في التقدم فقال عمر بن الخطاب إن كنت أمرت بالسير فسر قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لو أمرت به ما استشرتكم فيه قال يا رسول الله فإن للروم جموعا كثيرة وليس بها أحد من أهل الشام (5) وقد دنوت منهم حيث ترى وقد أفزعهم دنوك فلو رجعت هذه السنة حتى ترى أو يحدث الله تعالى لك في ذلك أمرا أخبرنا أبو المظفر عبد المنعم بن الأستاذ أبي القاسم القشيري وأبو محمد هبة الله بن سهل بن عمر السيدي قالا أنا أبو سعيد بن محمد أنا زاهر بن أحمد أنا إبراهيم بن عبد الصمد نا أبو مصعب نا مالك عن أبي الزبير المكي عن أبي الطفيل عامر بن واثلة أن معاذ بن جبل أخبره أنهم خرجوا مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عام غزوة تبوك وكان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء قال فأخر الصلاة يوما ثم خرج فصلى الظهر والعصر جميعا ثم دخل ثم خرج فصلى المغرب والعشاء جميعا ثم قال إنكم ستأتون غدا إن شاء الله عين تبوك وإنكم لن تأتوها حتى يضحي النهار فمن جاءها فلا يمس من ماءها شيئا حتى آتي قال فجئناها وقد سبق إليها رجلان والعين مثل الشراك تبض بشئ من ماء فسألهما رسول الله (صلى الله عليه وسلم) هل مسستما من مائها شيئا قالا نعم فسبهما وقال لهما ما شاء الله أن يقول ثم غرفوا من العين بأيديهم قليلا قليلا حتى اجتمع في شئ ثم غسل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فيه وجهه ويديه ثم أعاده فيها فجرت العين بماء كثير فاستقى الناس ثم قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يوشك يا
(٣٧)