قالوا كانت الطائفة (1) وهم الأنباط يقدمون المدينة بالدرمك (2) والزيت في الجاهلية وبعد أن دخل الإسلام فإنما كانت أخبار الشام عند المسلمين كل يوم لكثرة من يقدم عليهم من الأنباط فقدمت منهم قادمة فذكروا أن الروم قد جمعت جموعا كثيرة بالشام وأن هرقل قد رزق أصحابه لسنة وأجلبت معه لخم وجذام وغسان وعاملة وزحفوا وقدموا مقدماتهم إلى البلقاء وعسكروا بها وتخلف هرقل بحمص ولم يكن ذلك إنما ذلك شئ قيل لهم قالوه ولم يكن عدو أخوف عند المسلمين منهم وذلك لما عاينوا منهم إذ كانوا يقدمون عليهم تجارا من العدد والعدة والكراع وكان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لا يغزو غزوة إلا وري بغيرها لئلا تذهب الأخبار بأنه يريد كذا وكذا حتى كانت غزوة تبوك فغزاها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في حر شديد واستقبل سفرا بعيدا واستقبل غزوا وعددا كثيرا فجلا للناس أمرهم ليتأهبوا لذلك أهبة عدوهم (3) وأخبرهم بالوجه الذي يريد وبعث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى القبائل وإلى مكة يستنفرهم إلى عدوهم فبعث إلى أسلم بريدة بن الحصيب وأمره أن يبلغ الفرع وبعث أبا زهم الغفاري إلى قومه أن يطلبهم ببلادهم وخرج أبو واقد الليثي في قومه وخرج أبو جعد الضمري في قومه بالساحل وبعث رافع بن مكيث وجندب بن مكيث في جهينة وبعث نعيم بن مسعود في أشجع وبعث في بني كعب بن عمرو عدة بديل بن ورقاء وعمرو بن سالم وبشر بن سفيان وبعث في سليم عدة منهم العباس بن مرداس وحض رسول الله (صلى الله عليه وسلم) المسلمين على الجهاد (4) ورغبهم فيه وأمرهم بالصدقة فحملوا صدقات كثيرة فكان أول من حمل أبو بكر الصديق جاء بماله كله أربعة آلاف درهم فقال له رسول الله (صلى الله عليه وسلم) هل أبقيت لأهلك شيئا قال الله ورسوله أعلم وجاء عمر رضي الله عنه بنصف ماله فقال له رسول الله (صلى الله عليه وسلم) هل أبقيت شيئا قال نعم نصف ما جئت به وبلغ عمر ما جاء به أبو بكر الصديق فقال ما استبقنا إلى خير قط إلا سبقتني
(٣٤)