شرح السير الكبير - السرخسي - ج ١ - الصفحة ٣٦
أو من يحمل السلاح، ومنه سمى الرجل الذي يحمل السلاح بين يدي السلطان مسلحة.
وإنما قال عمر لست بخير الناس إظهارا للتواضع فقد كان هو خير الناس في أيام خلافته بعد وفاة (1) الصديق رضي الله عنه. وهو نظير ما يروى عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه كان يقول في حال خلافته: أقيلوني (2) فلست بخيركم. وقد كان خير الناس بعد النبيين والمرسلين كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وإنما جعل عمر رضي الله عنه صاحب الصرمة خير الناس لأنه بذل من نفسه وماله لمنفعة المسلمين. وخير الناس من نفع الناس. وقد قال عليه السلام:
" خير الناس رجل ممسك بعنان فرسه (22 آ) في سبيل الله كلما سمع هيعة (3) طار إليها ".
ثم قال الرجل: يا أمير المؤمنين! إني رجل من أهل البادية، وإني أجفو عن أشياء من العلم، فعلمني مما علمك رسول الله. فقال عمر:
أليس تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله؟ قال: بلى. قال:
وتقيم (4) الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت؟ قال: بلى.
قال: عليك بالعلانية وإياك والسر. عليك بكل عمل إذا اطلع عليه منك لم يفضحك، وإياك وكل عمل إذا اطلع عليه منك شأنك وفضحك.
قوله: أجفو عن أشياء أي أجهل. ولهذا سمى الذين يسكنون القرى والمفاوز أهل الجفاء لغلبة الجهل عليهم. فبين له عمر رضي الله عنه بما ذكره أنه عالم

(1) ط، ه‍ " بعدما قبض ".
(2) ب، أ " اقتلوني " وهو خطأ.
(3) الهيعة الصوت تفزع منه وتخافه من عدو (القاموس).
(4) ط، ه‍ " قال ألست تقيم.. ".
(٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 ... » »»