فأخبره وقالت الفتاة لأبيها يا أبتاه النجاة قبل أن يفضحك الوحي فإن يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم زوجنيه فقد رضيت ما رضي الله لي ورسوله فخرج الشيخ حتى أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو من أدنى القوم مجلسا فقال: أنت الذي رددت على رسول الله ما رددت قال قد فعلت ذلك فاستغفر وطننا انه كاذب فقد زوجناها إياه فنعوذ بالله من سخط الله وسخط رسوله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذهب إلى صاحبتك فادخل بها قال والذي بعثك بالحق ما أجد شيئا حتى أسأل إخواني فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم مهر امرأتك على ثلاثة من المؤمنين اذهب إلى عثمان بن عفان فخذ منه مايتي درهم فأعطاه وزاده واذهب إلى علي بن أبي طالب فخذ منه ماية درهم فأعطاه وزاده واذهب إلى عبد الرحمن بن عوف فخذ منه ماية درهم فأعطاه وزاده قال واعلم أنها ليست بسنة جارية ولا فريضة مفروضة فمن شاء فليتزوج على القليل والكثير فبينا هو في السوق ومعه ما يشتريه لزوجته فرح قريرة عيناه ينتظر ما يجهزها به إذ سمع صوتا ينادي يا خيل الله اركبي وأبشري فنظر نظرة إلى السماء ثم قال اللهم إله السماء وإله الأرض ورب محمد لأجعلن هذه الدراهم اليوم فيما يحبه الله ورسوله والمؤمنون فانتفض انتفاض الفرس العرق فاشترى سيفا وفرسا ورمحا واشترى جبة وشد عمامته على بطنه فاعتجر ولم ير منه إلا حماليق فإن عينيه حتى وقف على المهاجرين فقالوا هذا الفارس لا نعرفه فقال لهم علي بن أبي طالب كفوا عن الرجل فلعله ممن طرأ عليكم من قبل البحرين جاء يسألكم عن معالم دينه فأحب أن يواسيكم اليوم بنفسه إذ رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: من هذا الفارس الذي لم يأتنا إذ التحمت الكتيبتان فأقبل يطعن برمحه ويضرب بسيفه قدما قدما إذ قام فرسه ونزل وحسر عن ذراعيه فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذراعيه قال سعد معبد أنت وأمي يا رسول الله قال سعد جدك فما زال يطعن برمحه ويضرب بسيفه كل ذلك يقتل الله بطعنة رمحه إذ قالوا قد صرع سعد فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم معنقا نحوه فاتاه فرفع رأسه ووضعه في حجره وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح التراب عن وجهه بثوبه وقال ما أطيب ريحك وأحسن وجهك وأحبك إلى الله ورسوله قال فبكى وضحك ثم أعرض بوجهه ثم قال ورد الحوض ورب الكعبة فقال أبو أمامة معبد أنت وأمي ما الحوض قال حوض أعطانيه ربي عرضه ما بين صنعاء إلى بصرى مكلل بالدر والياقوت فيه دلاء عدد نجوم السماء ماؤه أشد بياضا من اللبن وأخلى من العسل من شرب منه شربة روي لا يظمأ بعدها أبدا قالوا يا رسول الله رأيناك بكيت وضحكت ورأيناك أعرضت بوجهك فقال: أما بكائي فبكيت شوقا إلى سعد وأما ضحكي ففرحت له لمنزلته من الله وكرامته عليه واما إعراضي فإني رأيت أزواجه من الحور العين يبادرن النبي كاشفات سوقهن باديات خلاخيلهن فأعرضت عنهن
(٢١٠)