المصطفى صلى الله عليه وسلم لهذا الدين الحنيف عقيدة وسلوكا ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها.
ولما دخلت الأفكار الفاسدة أحدثت فيهم انكار الصفات كليا أو جزئيا أو تأويلها أو تعطيلها مع شكوك وشبهات أخرى. كما حدث التجهم والاعتزال والأشعرية كعقيدة.
وبالحملة أصل هذه المقالة الخبيثة هو التأثر باليهودية المغذاة بالفلسفة والسفسطة الكافرة. تصل جذورها باليهود الذين كانوا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وكانوا يقولون بخلق التوراة.
قال ابن الأثير في تاريخه في حوادث سنة 240:
وفيها توفى القاضي أبو عبد الله أحمد بن دؤاد في المحرم بعد ابنه أبي الوليد بعشرين يوما، وكان داعية إلى القول بخلق القرآن وغيره من مذاهب المعتزلة وأخذ ذلك عن بشر المريسي وأخذه بشر من الجهم بن صفوان، وأخذه جهم من الجعد بن درهم، وأخذه الجعد من أبان بن سمعان، وأخذه أبان من طالوت ابن أخت لبيد بن الأعصم وختنه.
وأخذه طالوت من لبيد بن الأعصم اليهودي الذي سحر النبي صلى الله عليه وسلم، وكان لبيد يقول: بخلق التوراة، وأول من صنف في ذلك طالوت، وكان زنديقا، فأفشى الزندقة (1).
ورجال هذه السلسلة الزائقة يهود أو من أصل اليهود، وأما بشر بن غياث المريسي الذي تولى كبر هذه الفتنة في وقته وكان عين الجهمية ورأسهم وعالمهم في عصره فقد كان أبوه يهوديا.