وعن وهب بن عبد الله المعافري قال:
قدم رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من الأنصار على مسلمة بن مخلد، فألفاه نائما. فقال: أيقظوه، قالوا بل: نتركه حتى يستيقظ، قال: لست فاعلا، فأيقظوا مسلمة له، فرحب به، وقال: انزل. قال: لا حتى ترسل إلى عقبة بن عار لحاجة لي إليه، فأرسل إلى عقبة، فأتاه، فقال: هل سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من وجد مسلما على عورة فستره، فكأنما أحيى موؤودة من قبرها؟
فقال عقبة: قد سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ذلك (١).
وتبعهم التابعون لهم باحسان، فارتحلوا وجمعوا السنن من الأقطار والأمصار ثم من تبعهم بإحسان إلى أن تم تدوين السنة في الدواوين التي نراها تزخر بها مكتبات العالم.
ولم يكتفوا بالجمع فقط بل استعملوا كل وسيلة لتنقيتها من الشوائب والأكدار، ووضعوا لها قواعد هي أرقي ما عرفت الدنيا وأفضل ما وصلت إليه الطاقة البشرية لتحقيق الاخبار والتثبت فيها فانظر كتب مصطلح الحديث وما فيها من أنواع علوم الحديث ترى ما لا عين رأت ولا أذن سمعت مثله قبل الاسلام.
وما من شك أن القرآن الكريم هو أول من أرشد إلى التحقيق والتثبت في الاخبار فقال: ﴿يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة﴾ (2).
وإلى تدوين السير والتراجم الصحيحة، المفيدة، المعتبرة، فقد ذكر لنا