كان المخبر ثقة حافظا، عدلا، فكيف يقبل الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم من كل أحد بدون أن نعرف صدقه من كذبه وصوابه من وهمه وخطأه.
لذلك فاستنبطوا كلمة الاسناد باصطلاحهم الخاص واستنبطوا له علما خاصا يعرف بعلم النقد والجرح والتعديل. وترجموا للتابعين ولمن بعدهم، وقيدوا أحوالهم حتى يعرف الضعيف من الحافظ والثقة من الكاذب ممن تقبل أخبارهم وممن ترد أحاديثهم فإذا رأيت كتب التراجم والتواريخ والطبقات ثم رأيت آلافا من التراجم بجميع ما وصلوا إليه من مولد الراوي ونشأته إلى مماته، كيف كان مدخله ومخرجه، كيف كان في سلوكه ودينه وعقيدته ومعاملاته مع الآخرين، من شيوخه الذين تتلمذ عليهم وهل سمع أحاديثه أم بعضها من هم التلاميذ الذين تلقوا عنه ومن تلاميذه الثقات عنه ومن تضعف رواياتهم عنه. كم عدد مروياته كم فيها صحيح وكم فيها ضعيف. هل بقي في حفظه وعدالته على ما كان في شبابه وصحته أم اختلط بآخرته بعد ما كبر وشاخ أو بعد ما أصيب بعاهة أو حادث في نفسه، أو في كتبه، وهل حدث حال اختلاطه أم لا؟ فإن حدث فمن الذين أخذوا عنه قبل الاختلاط، ومن الذين أخذوا عنه بعد الاختلاط، ومن الذين أخذوا قبل الاختلاط، وبعده أيضا فهل ميزت أحاديثهم أم لا؟؟ إلى غير ذلك من صفات تعلق بالراوي، هذا ما عرف بعلم معرفة الرجال أو علم الجرح والتعديل.
حتى انبهر بهذه العلوم أعداء الاسلام ونطق بعضهم بالثناء عليها وعليهم اعترافا بالفضل ما شهدت به الأعداء.
قال الدكتور سبرنجر في مقدمة كتاب الإصابة:
" يحق للمسلمين أن يفتخروا بعلم الرجال كما شاءوا. فلم توجد أمة