فعل، فهم الذابون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك الكذب، والقائمون بنصرة الدين (١).
وإن رحلة المحدثين لطلب السنن والآثار كان مصداقا لقوله تعالى:
﴿فلو نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين﴾ (2).
فأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كان الواحد منهم يسافر لطلب حديث واحد أو لمجرد التثبت مسافة شاسعة يتحمل في هذه السبيل كل مشقة.
قال عبد الله بن بريدة أن رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم رحل إلى فضالة بن عبيد وهو بمصر فقدم عليه وهو يمد لناقة له، فقال: مرحبا، قال: أما إني لم آتك زائرا، ولكن سمعت أنا وأنت حديثا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، رجوت أن يكون عندك منه علم، قال: ما هو؟ قال: كذا وكذا...
ويروي لنا جابر بن عبد الله رضي الله عنه قصة رحلته فيقول:
بلغني حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم أسمعه فابتعت بعير فشددت عليه رحلي، وسرت شهرا، حتى قدمت الشام. فأتيت عبد الله بن أنيس.
فقلت للبواب، قل له: جابر على الباب، قال: فأتاه، فقال له: جابر بن عبد الله، فأتاني فقال لي، فقلت له: نعم، فرجع فأخبره. فقام يطأطئ ثوبه، حتى لقيني فاعتنقني واعتنقته، فقلت:
حديث بلغني عنك سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم في القصاص لم أسمعه فخشيت أن تموت أو أموت، قبل أن أسمته، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم... فذكره.