رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يعوذ به ويعوذه به جبريل " 2 / 1: 14) وقد كان الواقدي قليل الاهتمام بأمر التاريخ الجاهلي، ولذلك نجد أن رواية هشام بن محمد بن السائب الكلبي قد غلبت على الفصول المتصلة بتاريخ الأنبياء وبالأنساب القديمة، على وجه الاجمال، غير أن الفصول التي لم يذكر فيها الواقدي قليلة، وأهم الفصول إنما هي من اجتهاده وتحريره، حتى ليصدق قول ابن النديم على ابن سعد " ألف كتبه من تصنيفات الواقدي ".
وفي حديثه عن الوفود التي وفدت على الرسول تجد رواية الواقدي تسير جنبا إلى جنب - في أكثر الأحيان - مع رواية هشام بن الكلبي. بل لم يقتصر ابن سعد على الإفادة من " طبقات " الواقدي وإنما استقى معلومات من كتبه الأخرى مثل كتاب " أزواج النبي، صلى الله عليه وسلم "، وكتاب " وفاة النبي، صلى الله عليه وسلم "، وكتاب " أخبار مكة "، وكتاب " السيرة "، وكتاب " طعم النبي "، وأفاد بخاصة من كتاب " المغازي "، فقد دخل هذا الكتاب كله ضمن طبقات ابن سعد. غير أنه لم يكتف به في هذا الموضوع فأضاف إليه المعلومات التي رواها عن ثلاثة من الرواة تتصل رواية الأول منهم (وهو رويم بن يزيد المقرئ) بمغازي ابن إسحاق، وتتصل رواية الثاني بأبي معشر أحد الذين كتبوا في المغازي، أما الثالث وهو إسماعيل بن عبد الله بن أبي أويس المدني فتتصل روايته بمغازي موسى ابن عقبة. وهكذا يجيء هذا الفصل ممثلا لأربعة كتب في المغازي (عدا روايات أخرى). ولابد لنا من أن نتذكر أن اثنين من هؤلاء الثلاثة وهما موسى بن عقبة وابن إسحاق كانا من تلامذة الزهري، وأن إحدى روايات الواقدي تتصل بالزهري، كما أن الواقدي نفسه اعتمد كثيرا على مغازي موسى بن عقبة ومغازي ابن إسحاق، دون أن يشير إليهما كثيرا. وفي هذا ما يدل على اختلاط الروايات واتفاقها في منبع واحد. أما أبو معشر فقد اعتمد عليه الواقدي أيضا وكان موثقا في السيرة والمغازي بصيرا بهما،