الامامية وعرفت المصادر التي يجب الرجوع إليها في تمييز الثقات عن الضعاف.
وأما ما يرويه أهل السنة عن النبي الأكرم أو الصحابة والتابعين لهم باحسان فالحاجة إلى علم الرجال فيه أشد وألزم وذلك بوجوه:
الأول: إن الغايات السياسية غلبت على الأهداف الدينية فمنعت الخلفاء من كتابة حديث الرسول وتدوينه بعد لحوقه بالرفيق الأعلى. ودام هذا النهي قرابة قرن من الزمن إلى أن آل الامر إلى الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز (10199) فأحس بضرورة كتابة الحديث، فكتب إلى أبي بكر بن حزم في المدينة: " انظر ما كان من حديث رسول الله فاكتبه فاني خفت دروس العلم وذهاب العلماء ولا تقبل إلا أحاديث النبي، ولتفشوا العلم، ولتجلسوا حتى يعلم من لا يعمل فإن العلم لا يهلك حتى يكون سرا " (1).
ومع هذا الاصرار المؤكد من الخيفة لم تكتب إلا صحائف غير منتظمة ولا مرتبة، إلى أن زالت دولة الأمويين، وقامت دولة العباسيين، وأخذ أبو جعفر المنصور بمقاليد الحكم، فقام المحدثون في سنة 143 هجرية بتدوين الحديث (2).
كانت للحيلولة من كتابة الحديث آثار سلبية جدا، لان الفراغ الذي خلفه المنع أوجد أرضية مناسبة لظهور الدجالين والأبالسة من الأحبار والرهبان من كهنة اليهود والنصارى، فافتعلوا أحاديث كثيرة نسبوها إلى الأنبياء عامة، وإلى لسان النبي الأكرم خاصة. وهذه الأحاديث هي المرويات الموسومة بالإسرائيليات والمسيحيات بل المجوسيات. وقد شغلت بال المحدثين قرونا وأجيالا، وهي مبثوثة في كتب التفسير والحديث والتاريخ، بل هي حلقات بلاء