كليات في علم الرجال - الشيخ السبحاني - الصفحة ٣٦٤
به من حيث الرواية، كالرواية عن الضعفاء والمجاهيل، وعمن لم يلقه، وسوء الضبط، واضطراب ألفاظ الحديث، والاعتماد على المراسيل التي لم يتحقق وثاقة الساقط عنده، وأمثال ذلك مما لا ينافي العدالة ولا يجتمع مع التثبت والوثاقة (1).
وقد نقلنا كلامه بطوله لما فيه من فوائد ونكات، ومع ذلك كله، فالنتيجة التي استنبطها غير صحيحة لوجوه:
أولا: إن الأوثقية صفة تفضيل من الوثاقة، والمراد منه التحرز عن الكذب لأجل العدالة والورع، كما أن الأثبتية وصف تفضيل من التثبت، والمراد منه قلة الزلة والخطأ وندرة الاشتباه، فلو كان غير متحرز عن الكذب لا يكون ثقة، ولو كان كثير الزلة، والخطأ لا يكون ثبتا.
هذا حال المادة، وعليه يكون معنى " الأوثق " هو الواقع في الدرجة العليا من التحرز عن الكذب، كما يكون معنى " الا ثبت " هو المصون عن الزلة والعثرة بوجه ممتاز.
وعلى ذلك فلا يدل اللفظان على ما رامه المحدث النوري وإن أتعب نفسه الشريفة في جمع الشواهد لما قصده.
وبالجملة، لا يستفاد من اللفظين أن كل ما يوصف به معدود من الرواة في الفضائل فهو حاصل فيه على الوجه الأتم والأشد بل المراد تنزيهه من جهة التحرز عن الكذب، وتوصيفه من جهة الصيانة عن الاشتباه والزلة، وأنه من تينك الجهتين في الدرجة العليا.
وأين هو من صحة عامة رواياته لأجل وثاقة رواتها، أو اكتنافها بالقرائن الداخلية، كما هو المدعي؟

(١) مستدرك الوسائل: ج ٣، الصفحة 534 535.
(٣٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 359 360 361 362 363 364 365 366 367 368 369 ... » »»
الفهرست