وبذلك يعلم بطلان دليل نافي الحاجة إلى الرجال، حيث قال: " إن مصير الأكثر إلى اعتبار الموثق، بل الحسن، بل الضعيف المنجبر، ينفي الحاجة إلى علم الرجال، لان عملهم يكشف عن عدم الحاجة إلى التعديل ".
وفيه: أن ما ذكره إنما يرد على القول بانحصار الحجية في خبر العدل، وأن الرجوع إلى كتب الرجال لأجل إحراز الوثاقة بمعنى العدالة. وأما على القول بحجية الأعم من خبر العدل، وقول الثقة، أو الخبر الموثوق بصدوره أو المجتمع منهما فالرجوع إلى الرجال لأجل تحصيل الوثوق بالصدق أو وثاقة الراوي.
ثم إن المحقق التستري استظهر أن مسلك ابن داود في رجاله ومسلك القدماء هو العمل بالممدوحين والمهملين الذين لم يردا فيهم تضعيف من الأصحاب، ولأجل ذلك خص ابن داود القسم الأول من كتابه بالممدوحين ومن لم يضعفهم الأصحاب، بخلاف العلامة فإنه خص القسم الأول من كتابه بالممدوحين، ثم قال: وهو الحق الحقيق بالاتباع وعليه عمل الأصحاب فترى القدماء كما يعملون بالخبر الذي رواته ممدوحون، يعملون بالخبر الذي رواته غير مجروحين، وإنما يردون المطعونين، فاستثنى ابن الوليد وابن بابويه من كتاب " نوادر الحكمة " عدة أشخاص، واستثنى المفيد من شرائع علي بن إبراهيم حديثا واحدا في تحريم لحم البعير، وهذا يدل على أن الكتب التي لم يطعنوا في طرقها ولم يستثنوا منها شيئا كان معتبرا عندهم، ورواتها مقبولو الرواية، إن لم يكونوا مطعونين من أئمة الرجال ولا قرينة، وإلا فتقبل (1) مع الطعن ثم ذكر عدة شواهد على ذلك فمن أراد فليلاحظ (2).
وعلى فرض صحة ما استنتج، فالحاجة إلى علم الرجال في معرفة الممدوحين والمهملين والمطعونين قائمة بحالها.