كليات في علم الرجال - الشيخ السبحاني - الصفحة ١٦
إن علم الرجال من العلوم التي أسسها المسلمون للتعرف على رواة آثار الرسول صلى الله عليه وآله والأئمة من بعده حتى يصح الركون إليها في مجال العمل والعقيدة، ولولا لزوم التعرف عليها في ذاك المجال لم يؤسس ولم يدون.
وأما علم التراجم فهو بما أنه كان نوعا من علم التاريخ وكان الهدف التعرف على الاحداث والوقائع الجارية في المجتمع، كان علما عريقا متقدما على الاسلام، موجودا في الحضارات السابقة على الاسلام. وبهذه الوجوه الثلاثة نقتدر على تمييز أحد العلمين عن الاخر.
الفرق بين علم الرجال والدراية علم الرجال والدراية كوكبان في سماء الحديث، وقمران يدوران على فلك واحد، يتحدان في الهدف والغاية وهو الخدمة للحديث سندا ومتنا، غير أن الرجال يبحث عن سند الحديث والدراية عن متنها، وبذلك يفترق كل عن الآخر، افتراق كل علم عن العلم الآخر بموضوعاته.
وان شئت قلت: إن موضوع الأول هو المحدث، والغاية، التعرف على وثاقته وضعفه ومدى ضبطه، وموضوع الثاني، هو الحديث والغاية، التعرف على أقسامها والطوارئ العارضة عليها.
نعم، ربما يبحث في علم الدراية عن مسائل مما لا يمت إلى الحديث بصلة مثل البحث عن مشايخ الثقات، وأنهم ثقات أو لا؟ أو أن مشايخ الإجازة تحتاج إلى التوثيق أو لا؟
ولكن الحق عد نظائرهما من مسائل علم الرجال، لان مآل البحث فيهما تمييز الثقة عن غيرها عن طريق القاعدتين وأمثالهما. فإن البحث عن وثاقة الشخص يتصور على ثلاثة أوجه:
(١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 11 12 13 14 15 16 17 19 21 22 23 ... » »»
الفهرست