قد وقفت على الجوامع الرجالية المؤلفة في القرن الحادي عشر والثاني عشر، وهناك مؤلفات رجالية الفت في أواخر القرن الثالث عشر والقرن الرابع عشر، ولكنها على صنفين: صنف تبع في تأليفه خطة الماضين في نقل أقوال الرجاليين السابقين واللاحقين، وجمع القرائن والشواهد على وثاقة الراوي، والقضاء بين كلمات أهل الفن، إلى غير ذلك من المزايا التي أوجبت تكامل فن الرجال من حيث الكمية، من دون إحداث كيفية جديدة وراء خطة السابقين، وصنف آخر أحدث كيفية جديدة في فن الرجال وأبدع أسلوبا خاصا لما يهم المستنبط في علم الرجال. فإن الوقوف على طبقة الراوي من حيث الرواية، ومعرفة عصره وأساتيذه وتلاميذه، ومدى علمه وفضله، وكمية رواياته من حيث الكثرة والقلة، ومقدار ضبطه للرواية، وإتقانه في نقل الحديث، من أهم الأمور في علم الحديث ومعرفة حال الراوي، وقد اهملت تلك الناحية في أسلوب القدماء غالبا إلا على وجه نادر.
وهذا الأسلوب يباين خطة الماضين في العصور السابقة.
وعلى ذلك يجب علينا أن نعرف كل صنف بواقعه ونعطي كل ذي حق حقه، وكل ذي فضل فضله، بلا تحيز إلى فئة، ولا إنكار فضيلة لأحد.