قاموس الرجال - الشيخ محمد تقي التستري - ج ١١ - الصفحة ٨٥
المتوكل فقال لي: اختر ثلاثمائة رجل ممن تريد، واخرجوا إلى الكوفة فخلفوا أثقالكم فيها، واخرجوا على طريق البادية إلى المدينة، وأحضروا " علي بن محمد ابن الرضا (عليه السلام) " إلي معظما مبجلا، ففعلت وخرجت، وكان من أصحابي قائد من الشراة، وكاتب يتشيع وأنا على مذهب الحشوية، وكان ذلك الشاري يناظر الكاتب، وكنت أستريح إلى مناظرتهما لقطع الطريق، فلما انتصف المسافة قال الشاري للكاتب: أليس من قول صاحبكم علي بن أبي طالب أنه ليس من الأرض بقعة إلا وهي قبر أو ستكون قبرا، فانظر إلى هذه البرية أين من يموت في هذه البرية العظيمة حتى تمتلي قبورا؟ وتضاحكنا ساعة من كلام الشاري إذ انخذل الكاتب في أيدينا، ثم سرنا حتى دخلنا المدينة، فقصدت باب أبي الحسن (عليه السلام) فدخلت عليه، فقرأ الكتاب من المتوكل، فقال: انزلوا وليس من جهتي خلاف، فلما صرت إليه من الغد - وكنا في تموز أشد ما يكون من الحر - فإذا بين يديه خياط وهو يقطع من ثياب غلاظ له الخفاتين ولغلمانه (إلى أن قال) فسرنا حتى صرنا إلى موضع المناظرة في القبور ارتفعت سحابة واسودت وأرعدت وأبرقت حتى إذا صارت على رؤوسنا أرسلت علينا بردا مثل الصخور، وقد شد على نفسه وعلى غلمانه الخفاتين ولبسوا اللبابيد والبرانس، وقال لغلمانه: ادفعوا إلى يحيى لبادة وإلى الكاتب برنسا، وتجمعنا والبرد يأخذنا حتى قتل من أصحابي ثمانين رجلا، وزالت السحابة ورجع الحر كما كان، فقال: يا يحيى! مر من بقي من أصحابك ليدفن من قد مات، ثم قال: " هكذا يملأ الله البرية قبورا! " فرميت نفسي عن دابتي وعدوت فقبلت ركابه ورجله، وقلت: أشهد ألا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله وأنكم خلفاء الله في أرضه، وكنت كافرا وأنني ألآن مسلم قد أسلمت على يديك، وتشيعت ولزمت خدمته (1).
أقول: ورواه مروج المسعودي مع اختلاف، هكذا: عن أبي الأزهر، عن القاسم بن عباد، عنه قال: وجهني إلى المدينة المتوكل لإشخاص علي بن محمد

(١) مدينة المعاجز: ٧ / 466، في معجزة الهادي (عليه السلام).
(٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 ... » »»