وطورا بالجبر وما أعلمه اعتقد مذهبا دام عليه، فقدم مكة تمردا وإنكارا على من يحج، وكان تكره العلماء مجالسته لخبث لسانه وفساد ضميره، فأتى أبا عبد الله (عليه السلام) في جماعة من نظرائه.
فقال له: إن المجالس بالأمانات ولابد لمن كان به سعال أن يسعل أفتأذن لي بالكلام؟ فقال: تكلم بما شئت، فقال: إلى كم تدوسون هذا البيدر وتلوذون بهذا الحجر وتعبدون هذا البيت المرفوع بالطوب والمدر وتهرولون هرولة البعير إذا نفر! أن من فكر في هذا وقدر علم أن هذا فعل أسسه غير حكيم ولا ذي نظر، فقل فإنك رأس هذا الأمر وسنامه وأبوك أسه ونظامه، فقال (عليه السلام): إن من أضله الله وأعمى قلبه استوخم الحق فلم يعذبه وصار الشيطان وليه يورده مناهل الهلكة ثم لا يصدره، أن هذا بيت استعبد الله به خلقه ليختبر طاعته في إتيانه فحثهم على تعظيمه وزيارته، وجعله محل أنبيائه وقبلة للمصلين له، فهو شعبة من رضوانه وطريق يؤدي إلى غفرانه، منصوب على استواء الكمال ومجتمع العظمة والجلال، خلقه الله قبل دحو الأرض بألفي عام، وأحق من اطيع في ما أمر وانتهي عما نهى عنه وزجر، الله المنشئ للأرواح والصور.
فقال ابن أبي العوجاء: ذكرت فأحلت على غائب، فقال (عليه السلام): ويلك! كيف يكون غائبا من هو مع خلقه شاهد وإليهم أقرب من حبل الوريد، يسمع كلامهم ويرى أشخاصهم ويعلم أسرارهم؟ وإنما المخلوق الذي إذا انتقل من مكان فلا يدري في المكان الذي صار إليه ما حدث في المكان الذي كان فيه يكون غائبا (إلى أن قال) فقام ابن أبي العوجاء وقال لأصحابه: من ألقاني في بحر هذا؟
سألتكم أن تلتمسوا لي خمرة فألقيتموني على جمرة! قالوا: ما كنت في مجلسه إلا حقيرا، قال: إنه ابن من حلق رؤوس من ترون (1).
وفي الطبري: كان خال " معن بن زائدة " وأتى به محمد بن سليمان بن علي لما كان واليا على الكوفة من قبل المنصور، فأمر بضرب عنقه فقال: لئن قتلتموني