فينادي، يا حسين - أغثني - ثلاثا - أنا قاتل أعدائك، فيقول له النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): " قد احتج عليك " قال: فينقض عليه كأنه عقاب كاسر فيخرجه من النار؛ فقلت لأبي عبد الله (عليه السلام): ومن هذا جعلت فداك؟ قال: المختار، قلت: ولم عذب بالنار وقد فعل ما فعل؟ قال: إنه كان في قلبه منهما شيء، والذي بعث محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) بالحق! لو أن جبرئيل وميكائيل كان في قلبهما شيء لأكبهما الله في النار على وجوههما (1).
ورواه المنتخب، لكن قال بدل قوله: " إنه كان في قلبه منهما شيء... الخ ": إن المختار كان يحب السلطنة وكان يحب الدنيا وزينتها وزخرفها، وأن حب الدنيا رأس كل خطيئة، لأن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: والذي بعثني بالحق نبيا! لو أن جبرئيل وميكائيل كان في قلبهما ذرة من حب الدنيا لأكبهما الله على وجههما في النار (2).
وعن المجالس، عن المنهال بن عمرو: لما قطع المختار يدي حرملة ورجليه وأحرقه بالنار، قلت: سبحان الله! فقال لي: يا منهال إن التسبيح حسن ففيم سبحت؟ قلت: دخلت في سفري هذا منصرفي من مكة على علي بن الحسين (عليهما السلام) فقال: ما فعل حرملة؟ قلت: تركته حيا بالكوفة، فرفع يديه جميعا وقال: " اللهم أذقه حر الحديد اللهم أذقه حر النار " فقال لي المختار: أسمعت علي بن الحسين (عليهما السلام) يقول هذا؟ فقلت: والله! لقد سمعته يقول هذا، فنزل عن دابته وصلى ركعتين فأطال السجود، ثم قام فركب وقد احترق حرملة؛ وركبت معه وسرنا فحاذيت داري، فقلت: أيها الأمير! إن رأيت أن تشرفني وتكرمني وتنزل عندي وتحرم بطعامي، فقال: تعلمني أن علي بن الحسين (عليهما السلام) دعا بأربع دعوات فأجابه الله على يدي، ثم تأمرني أن آكل! هذا يوم صوم شكرا لله على ما عملته بتوفيقه (3).
وعن رسالة ابن نما: بعث المختار برأس ابن زياد إلى السجاد (عليه السلام) فأدخل عليه وهو يتغذى، فقال (عليه السلام): أدخلت على ابن زياد وهو يتغذى ورأس أبي بين