جراب النورة بين اللغة والاصطلاح - السيد محمد رضا الجلالي - الصفحة ٤٩
هشام، وحديث الإرث.
فتعرضنا لتفسيرهما عند المحدثين، والفقهاء واللغويين، وحاصل مفادها عندهم جميعا أنها تدل على كون المعطى واردا للتقية.
وهكذا استعملها الفقهاء في كتبهم الفقهية.
وقد ذكرنا وجهين للمناسبة بين المعنى اللغوي، والمراد الاصطلاحي، واخترنا الثاني، وهو: أن النورة إنما تستعمل لإزالة الأذى من الجسم، والتقية تستعمل لدفع شر المخالفين، فالجامع بينهما دفع الأذى، فصح استعمال " جراب النورة " وإطلاقها على الوارد للتقية.
أما دلالتها الرجالية: فقد نفينا أن تكون للعبارة دلالة رجالية، أو أي أثر في علم الرجال، إلا على احتمال مردود.
وفي تراث العامة: نجد ورود العبارة عندهم، في ترجمة (زرارة بن أعين) في قصة لفقها بعض رواتهم الضعفاء، وهو محمد بن صبيح بن السماك، تناقلها العقيلي والفسوي المؤرخ، ثم تداولها الذهبي وابن حجر، وأوردها بعض المعاصرين كعبارة نادرة من " ألفاظ التجريح ".
مصرحين بأن معناها استعمال التقية، كما هو عندنا.
لكن الكلمة - على هذا المعنى - لا تدل على تجريح، بل هي مجرد مصطلح فقهي عندنا.
ولو صحت قصة ابن السماك، فهي تدل على أن زرارة أطلق العبارة على ابن السماك نفسه، وأن الإمام عليه السلام قد اتقاه في كلامه، فهو تجريح لابن السماك.
لكنا ناقشنا صحة ما نقله ابن السماك، لوجوه:
الأول: لضعف ابن السماك حتى عند أهل نحلته، ولذا ذكروه في كتب الضعفاء.
الثاني: أنه استنكر على زرارة والإمام عليه السلام العلم بأسماء أهل الجنة وأهل النار.
(٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 » »»