جراب النورة بين اللغة والاصطلاح - السيد محمد رضا الجلالي - الصفحة ٤٦
من ارتضى من رسول فإن الاستثناء يدل على ثبوته لغير الله. من ارتضى من رسول ثم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قد اطلع على كثير من الغيب، ومن ذلك الأحكام الشرعية وأخبار القيامة والجنة والنار، وغير ذلك، مما لا طريق لمعرفته إلا الشرع الكريم.
وقد أخبر الرسول أمته بكل ذلك، وأوجب عليهم الإيمان بذلك فوصفهم.
بأنهم يؤمنون بالغيب ولا شك أن الإيمان بالغيب، لا يكون إلا بعد العلم به؟ ومعرفته؟ (1) فهل يفهم ابن السماك والذهبي، والسلفية الأوغاد؟ ما ينكرون على المؤمنين من مثل هذه " المعجزة العظيمة "؟
وما أجدر أن يقال لابن السماك، في نبزه لزرارة:
ما ضر تغلب وائل، أهجوتها أم بلت حيث تناطح البحران؟
ومن هنا يظهر أن إنكار ابن السماك وجود العلم بأسماء أهل الجنة والنار، واستنكاره علم ذلك على الإمام الصادق عليه السلام، جعله بمستوى محافظة الإمام منه.
لأن من ينكر هذا الأمر المتسالم عليه بين المسلمين، الذي حصل " الوفاق " منهم على نقله وروايته وتثبيته، وروي عن أهل البيت عليهم السلام وعن عدة من كبار الصحابة، وهو يتجرأ على تكفير من لا يقول برأيه، فهذا سلفي بغيض لابد أن يحذر منه ويتقى من شره، ولا يكشف له الواقع.
وهذا ما صارحه به الفقيه العظيم زرارة بن أعين، لما قال له: إن ابن رسول الله أعطاك من جراب النورة، أي عمل معك بالتقية.
لأن ابن السماك - وبعقليته السلفية الضحلة - لا يستبعد أن يكفر كل من روى له الحق الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من معرفة أسماء أهل الجنة والنار، وأن يواجهه بما واجه به زرارة بن أعين من التكفير والتفسيق والترفيض فيا ويل من يلجي ابن رسول الله، إلى الحذر منه؟

(1) تحدثنا عن علم الأئمة: بالغيب في مقال ضاف نشر في مجلة تراثنا العدد (37).
(٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 » »»