المقدسة. مثل أنه أوصى أهل داره أن لا يغسلوا الأواني 1) ويضعوها في بيت عينه، فسئل عن سبب ذلك فقال: ان جماعة من إخواننا المؤمنين من الجن قد استجاروا بنا لوقعة وقعت فيهم خرج فيها جماعة منهم. وكان إذا فرغ من تعقيب صلاة الصبح جاء إلى ذلك البيت ووقف وتلك بكلام لا يفهمه أهل الدار، ثم يخرج فيسألونه فيقول: أكلم معهم بلسانهم، وبعد أيام قال: قد أصلحنا بينهم فلا تضعوا الأواني في الحجرة.
وجاءه رجل قال: انه كان معه ابنه ولما وصلوا الوادي الفلاني فقد الولد وكلما فحصت لم أجده وكأنه قد ابتلعته الأرض. فكتب له ورقة وقال له:
اذهب إلى الوادي وناد بما هو مكتوب في هذه الورقة فإنك تجد ابنك، وقد وجد فيه: فلان ان السيد صالح المكي يأمرك ان تفحص عن ولدي وتحضره.
قال: فنادى وإذا بولده قد أقبل من بطن الوادي.
وأعظم من ذلك أن احمد الجزار قد حبسه في الجب وهو الطابورة، وكان لا يميز فيه الليل من النهار، هو وجماعة من العلماء، فضاق صدر السيد لذلك لعدم معرفته بأوقات الصلاة، فدعا بدعاء الطائر الرومي المروي في المهج ففرج الله عنه وخرج مع ستة أنفار كانوا محبوسين معه، وذلك سنة سبع وتسعين ومائة بعد الألف، وتوجه من ساعته إلى العراق، ولما علم الجزار بخروج السيد أرسل إلى داره وأخذ خزانة الكتب المشتملة على ألوف من الكتب وفيها مصنفاته ومصنفات آبائه أعلى الله مقامهم وحملوها إلى عكا، وأرسل السيد على عياله وأولاده فرحلوا إليه، وسكن النجف حتى توفي سنة سبع عشرة ومائتين والألف، ودفن في بعض حجر الجانب الشرقي من حجر الصحن الشريف.