تكملة أمل الآمل - السيد حسن الصدر - الصفحة ١٤٠
كان لا يحوز قوت أكثر من أسبوع - أو شهر الشك مني فيما نقلته عن الثقات - لأجل القرب إلى مواساة الفقراء والبعد عن التشبه بالأغنياء، وشاهدي على حاله وفضله ما حرره من المصنفات وحققه من المؤلفات، فمن عرفها حق المعرفة أذعن بثبوت دعوى هذه الصفة.
كان ينكر كثرة التصنيف مع عدم تحريره ويبذل جهده في تحقيق ما ألفه وتحبيره، فتظلع من علوم الحديث والرجال والفقه والأصول مستغنيا بما يحتاج إليه مما سواها من المعقول والمنقول.
كان هو والسيد الجليل السيد محمد ابن أخته قدس الله روحيهما في التحصيل كفرسي رهان ورضيعي لبان، وكان متقاربين في السن، وبقي بعد السيد محمد بقدر تفاوت ما بينهما في السن تقريبا، وكتب على قبر السيد محمد " من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا "، ورثاه بأبيات كتبها على قبره، وهي قوله - وربما كان في بعض الألفاظ تغييرا ما -:
لهفي لرهن ضريح صار كالعلم * للجود والمجد والمعروف والكرم قد كن للدين شمسا يستضاء به * محمد ذو المزايا طاهر الشيم سقى ثراه وهناه الكرامة والريحان * والروح طرا بارئ النسم والحق أن بينهما فرقا في دقة النظر يظهر لمن تأمل مصنفاتهما، وأن الشيخ حسن كان أدق نظرا وأجمع من أنواع العلوم، وكان مدة حياتهما إذا اتفق سبق أحد منهما إلى المسجد وجاء الاخر بعده يقتدي به في الصلاة، وكان كل منهما إذا صنف شيئا يرسل أجزاءه إلى الاخر وبعده يجتمعان على ما يوجب البحث والتحرير. رحمهما الله تعالى. ومثل هذا عزيز وقوعه من أبناء الزمان. وكان إذا رجح أحدهما مسألة وسئل عنها غير يقول: ارجعوا إليه فقد كفاني مؤنتها.
(١٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 ... » »»
الفهرست