اكدوا الايمان، وحلفوا بطلاق النسوان، وظاهروا الحلف، وجاهروا بالقسم، وآلوا بأيمان البيعة وأغرقوا في المعاهدة، وأجود ما يدون إذا أجاعوا الطارق، وردوا السائل، وانتهروا الأمل، واستخفوا بحرمة المستميح (1)، وزبروا (2) الطالب، هذا إذا لم يزيداوا في الحرمان، ولم يشلوا (3) الكلب على الضيف حالة الالمام، فكم جوعة منيت بها لديهم أنستني بالصيام، وكم أرق دفعت إليه بهم علمني كيف القيام، فيالى بعدها من صائم لو ساعدت النية، وقائم لو صحت الطوية، وبالها غنيمة جلبت دينا، وأفادت تجربة، ومنحت خبرة، وعرفت أثر العزلة، وأرت مقدار الانقباض، وعلمت كيفية الاعراض، وأذ اقت حلاوة القناعة، وزمت النفس عن التطلع. إلى الاماثل، وكفت الامال عن الاستشراف إلى كل نائل، وبلدت العزيمة عن التعلق بكل سبب، و كبحت (4) الهمة عن الجموح إلى كل مطلب، ففى بعض هذه الفوائد نعمة لمن عرفها، وفائدة لمن تأملها، وعندي بعد ذلك اضراب عن الكافة (5) يريح القلب، ويزيل الهم، ويفرغ البال، ويرم الحال، و انكفاف يقنع بالكفاف، ويمسك بالعفاف، ويرى اللئام تيما لكرام، و عجرفة (6) ذوى الاباء، وخترواته (7) المتقدمين، وبزع (8) الصعاليك، وتكبر الاثنين ثم لهم بعد منى قوارض تنسيهم لسب العقارب، ومشاحنة الاقارب، ونكدا المعاند، ومراوغة الحاسد، وكيد الحاقد، وان كانوا منسلخين عن أهلية الذم، عارين عن مرتبة العتب، متقاصرين
(١٥٠)