وهذه الحجة يحتج بها من يقول لا أدري أن اللفظ موضوع للوجوب فقط أو للندب فقط أولهما معا لأنه لو ادعى الاشتراك أو الندبية لزمه أو يقال العلم بالاشتراك أو بالندبية إنما يستفاد من العقل أو النقل إلى آخر التقسيم وثانيها أن أهل اللغة قالوا لا فرق بين الأمر والسؤال إلا من حيث الرتبة وذلك يقتضي اشتراكهما في جميع الصفات سوى الرتبة فكما أن السؤال لا يدل على الإيجاب بل يفيد الندبية فكذلك الأمر وثالثها أن لفظ إفعل وارد في كتاب الله وسنة رسوله في الوجوب والندب والاشتراك والمجاز على خلاف الأصل فلا بد من جعله حقيقة في القدر المشترك وهو أصل الترجيح والدال على ما به الاشتراك غير الدال على ما به الامتياز لا بالوضع ولا بالاستلزام فلا يكون لهذه الصيغة إشعار البتة بالوجوب بل لا دلالة فيها إلا على ترجيح جانب الفعل وأما جواز الترك فقد كان معلوما بالعقل ولم يوجد ما يزيل ذلك الجواز فإذن وجب الحكم بأن ذلك العقل راجح الوجود على العدم مع كونه جائز الترك ولا معنى للندب إلا ذلك والجواب عن الأول أن نقول لم لا يجوز أن يعرف ذلك بدليل مركب من النقل والعقل مثل قولنا تارك المأمور به عاص والعاصي يستحق العقاب فيستلزم العقل من تركيب هاتين المقدمتين النقليتين أن الأمر للوجوب
(٩٥)