المسألة الثانية ذكروا في حد الأمر بمعنى القول وجهين أحدهما ما قاله القاضي أبو بكر وارتضاه جمهور الأصحاب أنه هو القول المقتضي طاعة المأمور بفعل المأمور به وهذا خطأ أما أولا فلأن لفظتي المأمور والمأمور به مشتقتان من الأمر فيمتنع تعريفهما إلا بالأمر فلو عرفنا الأمر بهما لزم الدور وأما ثانيا فلأن الطاعة عند أصحابنا موافقة الأمر وعند المعتزلة موافقة الإرادة فالطاعة على قول أصحابنا لا يمكن تعريفها إلا بالأمر فلو عرفنا الأمر بها لزم الدور وثانيهما ما ذكره أكثر المعتزلة وهو أن الأمر هو قول القائل لمن دونه افعل أو ما يقوم مقامه وهذا خطأ من وجوه الأول أنا لو قدرنا أن الواضع ما وضع لفظة افعل لشئ أصلا حتى كانت هذه اللفظة من المهملات ففي تلك الحالة لو تلفظ الإنسان بها مع من دونه لا يقال فيه إنه أمر ولو أنها صدرت عن النائم والساهي أو على سبيل انطلاق اللسان بها اتفاقا أو على سبيل الحكاية لا يقال فيه إنه أمر ولو أنا قدرنا أن الواضح وضع بإزاء معنى الأمر لفظ إفعل وبإزاء معنى الخبر لفظ إفعل لكان المتكلم بلفظ إفعل آمرا والمتكلم بلفظ إفعل مخبرا
(١٦)