فإن قلت إنما ذمهم لا لأنهم تركوا المأمور به بل لأنهم لم يعتقدوا حقيقة الأمر والدليل عليه قوله تعالى ويل يومئذ للمكذبين وأيضا فصيغة إفعل قد تفيد الوجوب عند اقتران بعض القرائن بها فلعله تعالى إنما ذمهم لأنه كان قد وجدت قرينة دالة على الوجوب والجواب عن الأول أن المكذبين في قوله ويل يومئذ للمكذبين إما أن يكونوا هم الذين تركوا الركوع لما قيل لهم اركعوا أو غيرهم فإن كان الأول جاز أن يستحقوا الذم بترك الركوع والويل بسبب التكذيب فإن عندنا الكافر كما يستحق العقاب بترك الإيمان يستحق الذم والعقاب أيضا بترك العبادات وإن كان الثاني لم يكن إثبات الويل لإنسان بسبب التكذيب منافيا ثبوت الذم لإنسان آخر بسبب ترك المأمور به وعن الثاني أنه تعالى إنما ذمهم لمجرد أنهم تركوا الركوع لما قيل لهم اركعوا فدل على أن منشأ الذم هذا القدر لا القرينة الدليل الثالث لو لم يكن الأمر ملزما للفعل لما كان إلزام الأمر
(٤٧)