وإن سلمت أنه قد يوجد الاستعمال حيث لا حقيقة فحينئذ تعذر الاستدلال بالاستعمال على كونه حقيقة فإن قلت أستدل بالاستعمال مع أن المجاز خلاف الأصل على كونه حقيقة فيه قلت قولك المجاز خلاف الأصل لا يفيد إلا الظن وعندك المسألة قطعية يقينية وأيضا فكما أن المجاز خلاف الأصل فكذلك الاشتراك وقد تقدم في كتاب اللغات أنه إذا وقع التعارض بينهما كان دفع الاشتراك أولى وأما قوله أولا لو لم يجعل هذا طريقا إلى كون اللفظ حقيقة لم يبق لنا إليه طريق أصلا قلنا قد بينا فساد هذا الطريق فإن لم يكن ها هنا طريق آخر إلى الفرق بين الحقيقة والمجاز وجب أن يقال إنه لا طريق إلى ذلك الفرق لأن ما ظهر فساده لا يصير صحيحا لأجل فساد غيره قوله ثانيا ذلك الطريق إما أن يعرف بالضرورة أو بالدليل والضرورة باطلة لوقوع الخلاف والدليل باطل لأنا لم نجد في أدلة الخالفين ما يدل عليه
(٣٥٠)