سلمنا أن ما ذكرتموه يدل على أن الأمر بالمحال واقع لكنه يدل على أنه لا تكليف إلا وهو تكليف بما لا يطاق وذلك لأن الشئ إن كان معلوم العدم كان الأمر بالإتيان به أمرا بإيقاع الممتنع وإن كان معلوم الوجود كان واجب الوجود وما كان واجب الوجود لا يكون لقدرة القادر الأجنبي واختياره فيه أثر فيكون التكليف به أيضا تكليفا بما لا يطاق فثبت أن ما ذكرتموه يدل على أن التكاليف بأسرها تكليف ما لا يطاق وأن أحدا من العقلاء لم يقل بذلك فإن بعض الناس أحاله عقلا وبعضهم جوزه ولم يقل أحد بأنه يمتنع ورود التكليف إلا بما لا يطاق فما هو نتيجة هذا الدليل لا تقولون به وما تقولون به لا ينتجه هذا الدليل فيكون ساقطا
(٢١٩)