الاحكام - ابن حزم - ج ٦ - الصفحة ٧٧٨
ثم قصة خالفوا فيها ابن مسعود وعمر وابن عباس، فلو صح هذا عنهم لكان كبعض ما خالفوهم فيه، فليس بعض حكمهم أولى بالتقليد من بعض، مثل ما صح عن عمر وابن مسعود وابن عباس من القول بأن من تسحر يرى أنه ليل، فإذا به نهار، فصومه تام، ومثل قضائهم ثلاثتهم في اليربوع جفرة، ومثل هذا كثير.
وأما ما رووه عن بعض الصحابة من الفتيا بالرأي، فإنما أفتى منهم من أفتى برأيهم على سبيل الاخبار بذلك أو الصلح، لا على أنه حكم بات، ولا على أنه لازم لاحد، فقال خصومنا: إنما ذموا الرأي الذي يحكم به على غير أصل، وأما الذي حكموا به فهو الرأي المردود إلى ما يشبه من قرآن أو سنة، فقلنا لهم:
هذه دعوى منكم، فإن وجدتم عن أحد منهم تصحيحا فلكم مقال، وإلا فقد كذبتم عليهم، فنظرنا فلم نجد قط عن أحد من الصحابة كلمة تصح تدل على الفرق بين رأي مأخوذ عن شبه لما في القرآن والسنة وبين غيره من الآراء، إلا في رسالة مكذوبة عن عمر، ووجدنا قولهم في ذمهم الرأي جملة، أنما حكموا به على ما قلنا.
كما حدثنا محمد بن سعيد بن نبات، نا أحمد بن عون الله، نا قاسم بن أصبغ، ثنا محمد بن عبد السلام الخشني، نا محمد بن المثنى، نا عبد الرحمن بن مهدي، نا سفيان الثوري، عن أبي إسحاق السبيعي، عن حارثة بن مضرب قال: جاء ناس من أهل الشام إلى عمر بن الخطاب فقالوا: إنا أصبنا أموالا خيلا، ورقيقا، نحب أن يكون لنا فيها زكاة وطهور، فقال عمر: ما فعله صاحباي قبل فأفعله، فاستشار أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، فقال له علي: هو حسن إن لم تكن جزية يؤخذون بها بعد راتبة.
(٧٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 773 774 775 776 777 778 779 780 781 782 783 ... » »»
الفهرست