الارتكاز الفطري قضية إجمالية من حيث الخصوصيات المحتملة دخلها شرعا في موضوع الحجية بحيث لا يكاد يستكشف منها هذه الخصوصيات لا نفيا ولا إثباتا (فلا جرم) يستقل عقله بمناط حكمه الاجمالي بالرجوع إلى من هو مجمع جميع ما احتمل دخله في المرجع من الصفات، فيجب عليه الرجوع في هذه المسألة إلى الأعلم، وليس له الرجوع بدوا إلى غيره في استعلام حكم المسألة إلا على نحو دائر، إذ لم يثبت بعد جواز تقليده (نعم) لا بأس بالرجوع إليه في سائر المسائل الفرعية إذا أفتى الأعلم بجواز تقليد المفضول، فصح تقليده إياه في المسائل الفرعية حينئذ بمقتضى فتوى الأعلم بجوازه.
تنبيهات الأول المراد من الأعلم من كان أحسن استنباطا من غيره لكونه أقوى نظرا في تنقيح قواعد المسألة ومداركها، وأكثر خبرة في كيفية تطبيقها على مواردها، وأجود فهما للاخبار في استنباط المسائل الفرعية من مضامينها مطابقة والتزاما وإشارة وتلويحا، وأكثر اطلاعا بمدارك المسألة ونظائرها، كما يرشد إليه قوله عليه السلام أنتم اعلم الناس ان عرفتم معاني كلامنا (نعم) لا عبرة بكثرة الاستنباط والإحاطة بالفروع الفقهية (لان) ذلك يجامع مع ضعف الملكة أيضا.
الثاني إذا دار الامر بين الأعلم العادل والعالم الأعدل الأورع ففي تقديم الأعلم على الأورع أو التخيير بينهما وجهان، أقواهما الأول لبناء العقلا على تعينه وعدم دخل لحيث الاعدلية والأورعية فيما هو مناط التقليد وحجية الفتوى (نعم) لو كان هناك مجتهدان متساويان في الفضيلة مختلفان في الفتوى، وكان أحدهما أورع من الاخر، فقد يقال كما عن جماعة من الأساطين بلزوم تقديم الأورع (ولكنه) لا يخلو عن إشكال، لعدم الدليل على الترجيح بالأورعية سوى ما يظهر من اخبار العلاج كالمقبولة ونحوها (ومثله) مختص بباب القضاء وفصل الخصومات (وعلى فرض) التعدي إلى باب تعارض الاخبار لا يتعدى إلى باب الفتوى الا بعدم الفصل