فإنه بعد ما لا يمكن توجيه الحكم الفعلي بالمعنى المزبور إلى الوجودات الفرضية حين الخطاب، لا بد من الالتزام باقتضائية الحكم بالنسبة إلى الفرضيات، فيتوجه عليه الاشكال المزبور، ولكن نحن في فسحة من هذا الاشكال (ثم إن ذلك) في فرض إجراء الاستصحاب في الحكم التنجيزي، واما الاستصحاب التعليقي بناء على صحته كما هو المختار، فلا غبار في جريانه بالنسبة إلى الموجودين في الشريعة اللاحقة فيقال: انهم كانوا سابقا بحيث لو وجدوا كانوا محكمين بكذا والآن بقاؤهم على ما كانوا عليه، فان مرجع الشك في نسخ حكم العام السابق إلى الشك في بقاء القضية التعليقة والملازمة المزبورة، وبالاستصحاب المزبور يحكم عليهم بوجوب كذا (وعلى ذلك) لا يحتاج في إثبات حكم العام السابق في حق الموجودين في الشريعة اللاحقة إلى فرض وجود المدرك للشريعتين بإجراء الاستصحاب في حقه وإلحاق البقية به بعدم الفصل كي يحتاج إلى إثبات الاشتراك حتى في الحكم الظاهري، فيشكل، عليه بان الاجماع على الاشتراك انما هو في الحكم الواقعي لا في الحكم الظاهري (هذا كله) فيما يتعلق بالجواب عن الوجه الأول.
(واما الجواب) عن الوجه الثاني فبانحلال العلم الاجمالي المزبور بالظفر بمقدار من الاحكام المنسوخة التي يمكن انطباق المعلوم بالاجمال عليها، فتكون الشبهة فيما عداها بدوية يجري فيه الأصل بلا مزاحم (ثم) ان ذلك فيما إذا كان العلم الاجمالي بالنسخ بتبدل الوجوب بالحرمة أو بالعكس، واما إذا كان العلم الاجمالي بتبدل الوجوب إلى عدم الوجوب والحرمة إلى عدمها، فعلى ما اخترناه من جريان الأصول المثبتة للتكليف في أطراف العلم الاجمالي لا يحتاج إلى دعوى الانحلال بل يجري الاستصحاب فيها ولو مع وجود العلم الاجمالي وعدم انحلاله إلى الأبد، بلحاظ ان المانع عن جريان الأصول في أطراف العلم حينئذ انما هو استتباعه لمحذور المخالفة العملية، لا لمانعية العلم بذاته عن جريانها في الأطراف، فمع فرض انتفاء هذا المحذور يكون وجود العلم الاجمالي كعدمه، فتجري الأصول المثبتة في جميع الأطراف.
(ثم إن) في التقرير إشكالا آخر على الاستصحاب المزبور (وحاصله) انه لا جدوى