بحسب اللب غيرية للتوصل بها إلى وجود ما هو المراد والمطلوب النفسي الذي هو غرض الأغراض وغاية الغايات، مع بداهة عدم اعتبار قصد التوصل فيها حتى في العباديات منها وكفاية الاتيان بها بداعي أمرها في وقوعها على صفة الوجوب وفي مقربيتها.
ومن ذلك اندفع ما قيل في تقريب اعتبار القصد المزبور في الواجب في وقوعه على صفة الوجوب، بأن ذلك لا يكون من جهة تقيد موضوع الوجوب بذلك بل وانما هو من جهة اقتضاء الغرض الداعي إلى إيجابه، بتقريب ان الغرض من الامر بالمقدمة بعد إن كان هو التوصل بها إلى ذيها لا مطلوبيتها في ذاتها فالمطلوب الجدي الحقيقي قهرا بحكم العقل يكون عبارة عن نفس التوصل، وحينئذ فلا بد في وقوعها على صفة الوجوب وصيرورتها مصداقا للواجب بما هو واجب من الاتيان بها عن قصد التوصل بها إلى ذيها، والا فمع عدم الاتيان بها كذلك لا يكاد وقوعها على صفة الوجوب ومصداقا له وإن كان يجتزئ بها حينئذ وكانت محصلة لغرضه، ففي الحقيقة كان قضية اعتبار القصد المزبور من جهة قصور الوجوب المتعلق بالمقدمة عن الشمول لها في حال عدم اقترانها بقصد التوصل لا من جهة تقيد موضوع الوجوب بالقصد المزبور.
وجه الاندفاع يظهر مما عرفت في أكثر الواجبات الشرعية والعرفية التي لا تكون إراداتها بحسب اللب الا غيرية مع وضوح عدم اعتبار قصد التوصل فيها، لا في وقوعها على صفة الوجوب ولا في مقربيتها، على أن كون الغرض من المقدمة هو التوصل لا يقتضى اعتبار قصده فيها وقوعها على صفة الوجوب، وان حصول القرب بإتيانها عن قصد التوصل بها إلى ذيها غير موجب لانحصار القرب بذلك، بل هو كما يتحقق بذلك يتحقق أيضا بإتيانها بداعي امرها ومراديتها للمولى، ومن ذلك نقول بان شأن الأوامر الغيرية كلية انما كان هو التوسعة في مقام التقرب بإتيان متعلقه عن دعوته، وعيلة فلا مجال أيضا لاثبات اعتبار قصد التوصل في المقدمة في وقوعها على صفة الوجوب بمثل هذا البيان أيضا كما هو واضح.
ثم إنه من هذا البيان ظهر أيضا حال ما إذا كانت المقدمة منحصرة بالفرد المحرم مع تقديم جانب الوجوب بمقتضى أهمية مصلحة الوجوب من مفسدة الحرمة كإنقاذ الغريق المتوقف على المشي في الأرض المغصوبة حيث نقول فيه أيضا بان الواجب حينئذ لا يكون الا ذات المقدمة قصد بها التوصل إلى ذيها أم لم يقصد لعدم دخل حيث قصد