بين حال وجدانها لخصوصية قصد التوصل وبين حال فقدانها لها، ومعه فلا يتعين عليه قصد التوصل بها إلى الواجب، بل كان له الخيار حينئذ بين الاتيان بها مقرونة بقصد التوصل وبين الاتيان بها غير مقرونة بذلك كما هو واضح، على أنه مع الإغماض عن ذلك وتسليم كون المقام من قبيل الكلي والجامع المتواطئ لا من قبيل الجامع التشكيكي نقول بأنه انما يتعين ويجب عليه قصد التوصل إذا كان تلك المزية القائمة بالخصوصية في نفسها بنحو من الاهتمام بحيث تمنع عن النقيض وتمنع عن تأثير المفسدة في المبغوضية إذ حينئذ يتعين عليه اختيار الفرد الواجد للخصوصية بحكم العقل جمعا بين الغرض القائم بالجامع وبين الغرض القائم بالخصوصية والا فإذا لم تكن المزية بالغة إلى مرتبة المنع عن النقيض وعن تأثير المفسدة في المبغوضية فلا جرم كان مقتضى أهمية مصلحة الانقاذ وتأثيرها في مطلوبية الجامع بين الفردين هو التخيير بينهما، نعم غاية ما هناك حينئذ هو استحباب اختيار الواجد للخصوصية لا انه يتعين عليه ذلك.
ومن هذا البيان ظهر بطلان مقايسة المقام بصورة وجود فرد مباح وعدم انحصار المقدمة بالحرام في لزوم اختيار الفرد المباح، إذ نقول بان لزوم اختيار الفرد المباح هناك انما كان من جهة اقتضاء تلك المفسدة غير المزاحمة القائمة بالخصوصية فإنها من جهة خلوها عن المزاحم لما كانت مؤثرة في المبغوضية الفعلية في الخصوصية كان العقل يحكم بمقتضى الجمع بين الغرضين بتعين خصوص الفرد المباح وتطبيق الجامع عليه، وهذا بخلاف المقام الذي لا يوجد فيه فرد مباح، إذ فيه بعد لا بدية الاتيان بأحد الفردين بمقتضى أهمية الانقاذ فقهرا يكون نتيجة الامر بالجامع فيهما بعد عدم بلوغ رجحان الخصوصية إلى مرتبة المنع عن النقيض هو التخيير بينهما، كما هو واضح.
كما أنه من ذلك البيان ظهر أيضا عدم صحة المقايسة بمسألة المتوسط في الأرض المغصوبة التي لها طريقان للخروج عنها أحدهما أقرب من الاخر من حيث تعين اختيار الأقرب منهما بحكم العقل، إذ نقول بان حكم العقل هناك بلزوم اختيار سلوك الأقرب منهما في مقام الخروج انما هو من جهة استلزام غيره لزيادة التصرف في مال الغير التي هي محرمة شرعا فلا يرتبط حينئذ بالمقام الذي لا يكون الامر الواجد فيه كذلك كما لا يخفى.
فلا محيص حينئذ ولو على البناء بكون المقام من قبيل الجامع المتواطئ من المصير إلى التخيير بين الفردين وعدم تعين الفرد للخصوصية فيسقط القول باعتبار قصد