لان مجرد وقوعها تحت خطاب أصلي مستقل لا يقتضى وجوبها شرعا بالوجوب الغيري لامكان كون الامر بها في تلك الخطابات إرشاديا إلى وجوبها العقلي بمناط اللابدية، فتأمل.
الأمر الثاني:
هل المسألة من المسائل الفرعية، أو هي من المسائل الأصولية العقلية، أو من المبادي الاحكامية الراجعة إلى البحث عن لوازم وجوب الشئ، أو من المسائل الكلامية باعتبار رجوعها إلى البحث عن استحقاق المثوبة على الموافقة والعقوبة على المخالفة؟ فيه وجوه أبعدها الأخير من جهة وضوح أن المقدمة على القول بوجوبها ليست مما يترتب عليها المثوبة والعقوبة عند الموافقة والمخالفة فان المثوبة و العقوبة كانتا من تبعات موافقة الواجب النفسي ومخالفته لا من تبعات مطلق الواجب ولو غيريا، وما يرى من استحقاق العقوبة عند ترك المقدمة فإنما هو من جهة تأدية تركها إلى ترك ذيها الذي هو الواجب النفسي لا من جهة انها مما يقتضى مخالفتها في نفسها مع قطع النظر عن ترتب ترك ذيها استحقاق العقوبة عليها، كما لا يخفى. ومع لا مجال لعد المسألة من المسائل الكلامية، وحينئذ يدور الامر بين كونها من المسائل الفرعية أو من المسائل الأصولية أو المبادي الاحكامية.
نعم قد يقال حينئذ بتعين كونها من المسائل الفرعية نظرا إلى ظاهر عنوان البحث وكون المقدمة أيضا فعلا من أفعال المكلف، فيكون البحث عن وجوبها حينئذ كالبحث عن حكم سائر أفعال المكلف في كونه فرعيا محضا لا أصوليا، وعليه فكان ذكرها في المقام حينئذ لمحض الاستطراد.
ولكن فيه أن عنوان البحث وإن كان هو البحث عن وجوب المقدمة وعدم وجوبها ولكن المهم المبحوث عنه كما عرفت لما كان ثبوت الملازمة بين حكم شئ بواحد من الأحكام الأربعة وبين حكم مقدماته بلا نظر إلى خصوص الوجوب، فلا جرم لا تكون من المسائل الفرعية غي المناسبة لتعرض الأصولي إياها في الأصول، بل عليه تكون المسألة أصولية محضة، إذ البحث عن الملازمة حينئذ كالبحث عن سائر الأحكام العقلية غير المستقلة فلا ترتبط حينئذ بالمسألة الفرعية.
ومع الغض عن ذلك والاخذ بظاهر عنوان البحث نقول بعدم ارتباطها أيضا بالمسألة الفرعية لان الملاك في المسألة الفرعية، على ما يقتضيه الاستقراء في مواردها انما هو