- فيما حكاه الأستاذ دام ظله - ولكن مثل هذا الالتزام كما ترى لا يمكن المصير إليه وذلك لما فيه من مخالفته لما عليه إطباق العقلا بل وبداهة الوجدان القاضي بغيرية تلك الإرادة المتعلقة بالمقدمات الوجودية كما في إراداتنا التكوينية المتعلقة بمثل المشي إلى السوق لشراء اللحم وإلى الحمام للغسل من الجنابة وإلى مسجد الكوفة للصلاة فيه ونحو ذلك، وعليه فيتوجه عليهم الاشكال بأنه إذا كانت تلك الإرادة المتعلقة بالمقدمات الوجودية إرادة غيرية توصلية بالوجدان لا نفسية وتهيئية فيستحيل انفكاكها عن فعلية الإرادة بذيلها لان تبعية الإرادة الغيرية للإرادة النفسية في الفعلية والشأنية في الوضوح كالنار على المنار وكالشمس في رابعة النهار.
وحينئذ فبمقتضى هذا البرهان بعد قضاء الوجدان بكون الإرادة المتعلقة بالمقدمات إرادة غيرية توصلية لا محيص من الالتزام بفعلية الإرادة النفسية بالنسبة إلى ذيها أيضا قبل حصول مقدماته، كي منها يترشح إرادة غيرية نحو مقدماته والمصير إلى كفاية مطلق مقدورية العمل ولو بالواسطة في صحة توجيه التكليف الفعلي نحوه وعدم احتياجها أي الإرادة في فعليتها إلى اعتبار كونه المتعلق مقدورا بلا واسطة في ظرف الإرادة والتكليف كي تحتاج إلى لزوم كونها في ظرف الاشراف على العمل، كما هو واضح.
وعلى ذلك نقول بأنه إذا كان ذلك شأن الإرادة في الواجبات المطلقة المنجزة وفي الإرادات التكوينية فأمكن فعلية الإرادة فيها قبل حصول المقدمات الوجودية فليكن كذلك في الواجبات المعلقة أيضا، فأمكن فيها تعلق الإرادة الفعلية حالا بالمقيد بالقيد الاستقبالي كالزمان قبل حصوله، فلا تحتاج إلى كونها في ظرف الاشراف على الواجب الذي هو ظرف حصول قيده، كما كان يشهد لذلك أيضا نفس الانشاء الصادر من المولى حيث إنه بعد إن كان ذلك لأجل التوصل به إلى وجود المراد البعدي لا من جهة مطلوبية الانشاء نفسا فلا محالة تكون الإرادة المتعلقة به إرادة غيرية توصلية، ومعه بمقتضى عدم انفكاكها عن إرادة ذيها لا بد من الالتزام بكون الإرادة المتعلقة بالفعل البعدي فعلية حال الانشاء كي منها يترشح إرادة غيرية إلى الانشاء المزبور، نعم غاية ما في الباب ان محركية هذه الإرادة لنفس المطلوب كانت في ظرف الاشراف عليه الذي هو ظرف حصول قيده، واما قبل ذلك فلا تكون محركيتها الا لمقدماتها الوجودية كما هو الشأن أيضا في الواجبات المطلقة المنجزة التي تحتاج إلى مقدمات عديدة، حيث كانت الإرادة بحدوثها محركة