مقدماته الوجودية الاختيارية عند العلم بانحفاظه من ناحية القيود الخارجة عن الاختيار كما هو واضح.
وعلى ذلك فحيثما أمكن تصور الواجب المعلق أيضا في قبال المشروط منه فلا جرم يكون الأقسام في الواجب ثلاثة لا انه ينحصر بالقسمين المطلق والمشروط كما قيل من امتناع المعلق واستحالته، وذلك لما عرفت بما لا مزيد عليه من إمكان تصور قسم ثالث للواجب أيضا، وراء المطلق المنجز والمشروط، وهو الذي يكون الواجب أمرا استقباليا مقيدا بزمان الاستقبال وكان الوجوب فيه فعليا مطلقا غير منوط بشي حتى في الفرض واللحاظ، في قبال المشروط المشهور الذي يكون الوجوب فيه منوطا بوجوب الشرط والمنوط به في موطن الخارج الملازم لعدم فعليته أيضا قبل حصول شرطه في الخارج، وفي قبال المشروط لدى المختار الذي يكون الوجوب فيه فعليا لكن منوطا بفرض الشئ ولحاظه لا مطلقا كما هو واضح.
ثم إنه قد يقرب وجه إبطال المعلق واستحالته وامتناع تعلق التكليف الفعلي بالامر الاستقبالي قبل حصول ظرفه بان حقيقة الإرادة بعد ان لم تكن عبارة عن مجرد الميل والمحبة والاشتياق نحو الشئ بل كانت عبارة من تلك الحالة الانقداحية الحاصلة في النفس المستتبعة لتحريك العضلات نحو المراد فلا جرم تحتاج في فعليتها وتحققها إلى أن تكون في ظرف الاشراف على المراد الذي هو ظرف القدرة عليه من جهة انه بدونه يستحيل تحقق تلك الحالة الانقداحية الخاصة الموجبة لتحريك العضلات، من غير فرق في ذلك بين الإرادة التكوينية و التشريعية، فكما انه في الإرادة التكوينية لا يتحقق حقيقة تلك الحالة الانقداحية المحركة للعضلات الا في ظرف إشراف المريد على العمل وفي ظرف القدرة عليه كذلك أيضا في الإرادة التشريعية، ففيها أيضا لا بد في تحقق الإرادة وفعليتها من كونها في ظرف إشراف المأمور والمكلف على المراد وفي ظرف القدرة عليه.
ومحصل هذا التقريب انما هو دعوى احتياج الإرادة في فعليتها وتحققها إلى كون المراد مقدورا بلا واسطة في ظرف الإرادة وانه بدونه لا يكاد تحقق تلك الحالة الانقداحية المعبر عنها بالإرادة بوجه أصلا، فيقال حينئذ بان الامر الاستقبالي لما كان غير مقدور للمكلف قبل حصول قيده أو ظرفه فلا جرم يمتنع توجيه التكليف الفعلي أيضا نحوه بالايجاد، فمن ذلك لا بد من جعل التكليف الفعلي به منوطا بحصول قيده الخارج عن