نهاية الأفكار - تقرير بحث آقا ضياء ، للبروجردي - ج ٢ - الصفحة ٢٩٣
فان دخله في ظرف المرض لا يكون الا في وجود ما هو المتصف بكونه مصلحة ومحتاجا إليه فارغا عن أصل الاتصاف بالوصف العنواني، وحينئذ فكل واحد من المرض وشرب الدواء والمسهل وإن كان دخيلا في مصلحة الاسهال الا ان دخل كل على نحو يغاير دخل الاخر، من حيث كون دخل أحدهما في أصل الاحتياج واتصاف الأثر بكونه صلاحا ومصلحة مع قطع النظر عن تحققه في الخارج، و كون دخل الاخر في وجود ما هو المتصف بالمصلحة والصلاح وتحققه فارغا عن أصل اتصافه بالوصف العنواني المزبور.
ومن ذلك البيان ظهر اختلاف مثل هذين القيدين بحسب المرتبة أيضا باعتبار دخل الأول في اتصاف الذات بالوصف العنواني والثاني في تحقق ما هو المتصف خارجا فان في مثل ذلك لا محالة ما هو من قبيل الأول يكون في رتبة سابقة على ما كان من قبيل الثاني، من جهة انه بدونه لا يكاد يتحقق موضوع المتصف كي ينتهى إلى مقام دخل قيود وجود المتصف، ولذلك أيضا بدون قيود الاتصاف لا يكاد يصدق الانتفاء الا بنحو السلب بانتفاء الموضوع، بخلافه في فرض تحقق قيود الاتصاف، إذ حينئذ يكون انتفاء المصلحة بانتفاء قيود المحتاج إليه من قبيل السلب بانتفاء المحمول، نظرا إلى تحقق الاتصاف بالوصف العنواني بمجرد تحقق قيود الاتصاف، كما هو واضح.
وبعد ما عرفت ذلك نقول: بأنه بعد كان قيود الوجوب والتكليف من القيود الراجعة إلى أصل اتصاف الذات بالوصف العنواني وبكونها صلاحا ومصلحة قبال قيود الواجب الراجعة إلى وجود ما هو المتصف فارغا عن أصل الاتصاف بالوصف العنواني فلا محالة يلزمه عدم وجوب تحصيلها أيضا نظرا إلى خروجها حينئذ عن حيز الطلب والإرادة بل وعن مباديها من الاشتياق والمحبوبية أيضا وصيرورة الإرادة بمبادئها منوطة بفرض تحققها من باب الاتفاق، نظرا إلى ما يقتضيه حينئذ جبلة النفس وفطرته من عدم كون الانسان بصدد تحصيل الاحتياج إلى الشئ وجعل نفسه محتاجا إليه، بل وعدم اشتياقه إليه أيضا إلا لأجل رفع احتياج أعظم وصيرورته من مقدمات وجود محتاج إليه آخر، كما يشهد لذلك المثال المزبور حيث ترى ان الانسان بمقتضى جبلته لا يكون بصدد تحصيل المرض كي به يتصف الاسهال بالوصف العنواني ويصير في حقه ذا مصلحة وصلاح، بل ولا كان له اشتياق ولا ميل إليه، بل ولعله يكون مبغوضا عنه فضلا عن
(٢٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 288 289 290 291 292 293 294 295 296 297 298 ... » »»