عرفت من عدم صحة الخطاب الحقيقي بقصد التفهيم الا إلى الموجود الحقيقي، كما هو واضح.
وحينئذ فينحصر محل النزاع ومورد النفي والاثبات بالقسم الثاني الذي يكون موضوع الخطاب فيه من العناوين العامة القابلة للانطباق على الموجود والمعدوم حين الخطاب، كقوله: يا أيها الناس ويا أيها الذين آمنوا، حيث إن مقتضى عموم المتلو هو الشمول للغائبين والمعدومين أيضا كما أن مقتضى ظهور الأداة في الخطاب الحقيقي هو الاختصاص بخصوص الحاضرين المشافهين، فيدور الامر حينئذ بين الاخذ بظهور الأداة في الخطاب الحقيقي وتخصيص عموم ما في التلو بخصوص الحاضرين، وبين الاخذ بعموم ما وقع في التلو وحمل الأداة على الخطاب الايقاعي، وفي مثله قد يقال في تعميم الحكم المتكفل له الخطاب للغائبين والمعدومين بوجوه:
منها: ما أفاده في الكفاية () من دعوى ان ظهور تلك الأدوات في الخطاب الحقيقي انما كان من جهة الانصراف، والا فهي موضوعة للخطاب الايقاعي الانشائي، وان الاختلاف انما كان ممن جهة الدواعي، فالمتكلم ربما يوقع النداء لكن لا بداعي الخطاب الحقيقي، بل بدواع أخرى كالتحسر والتأسف كقوله أ يا كوكبا ما كان أقصر عمره، وربما يوقعه بداعي الخطاب الحقيقي كما كان ذلك هو الشأن أيضا في التمني والترجي ونحوهما، فإنها موضوعة للايقاعي منها لا لخصوص الحقيقي منها، وحينئذ فإذا كان ظهورها في الخطاب الحقيقي من جهة الانصراف دون الوضع نقول: بان الانصراف إلى الخطاب الحقيقي انما يكون إذا لم يكن هناك ما يمنع عنه كما في المقام، حيث يكفي في المانعية عمومية ما وقع في التلو، خصوصا بعد ملاحظة عدم اختصاص الاحكام الملقى من الشارع غالبا في نحو هذه الخطابات من نحو قوله: يا أيها الناس اتقوا، ويا أيها الذين آمنوا، بخصوص من حضر مجلس الخطاب، وعليه فيؤخذ في مثل هذه الخطابات بعموم العنوان المتلو للموجود والمعدوم حال الخطاب، ويحمل الخطاب على الخطاب الايقاعي الانشائي من دون استلزام قضية العمومية أيضا لاستعمال كلمة (يا) في غير معناها الحقيقي. ولكن فيه ان ظهور اليا في الخطاب الحقيقي بمقتضى الانصراف أو الغلبة أو غير ذلك انما كان