نهاية الأفكار - تقرير بحث آقا ضياء ، للبروجردي - ج ٢ - الصفحة ٣٧٩
مجال للنزاع فيه، إذ لا إشكال في جواز ذلك كما في تكليف الجنب بالصلاة عند دخول الوقت مع تمكنه من تحصيل الطهارة، ومن ذلك كان الواجب عليه حينئذ تحصيل شرطها الذي هي الطهارة، فإنه لولا وجوب الصلاة عليه لما كان الواجب عليه تحصيل الطهارة، وهو واضح بعد وضوح كون وجوب الطهارة عليه وجوبا غيريا ترشحيا من وجوب ذيها.
وعليه فيرجع هذا النزاع إلى النزاع المعروف بين الأشاعرة وغيرهم من جواز تعلق التكليف بالمحال وعدم جوازه من جهة رجوع التكليف بالمشروط حينئذ مع انتفاء شرط المأمور به وعدم تمكن المكلف من تحصيله إلى التكليف بالمحال وبما لا يقدر عليه المكلف، فيندرج حينئذ في ذلك النزاع الذي أثبته الأشاعرة حسب زعمهم الفاسد من إنكار التحسين والتقبيح العقليين وتجويزهم على الله سبحانه تكليف عباده بما لا يقدرون عليه. وربما يبتنى ذلك أيضا على النزاع المتقدم في مسألة وحدة الطلب والإرادة وتغايرهما، بجعل الطلب عبارة عن معنى قابل للتعلق بالمحال مع كونه موضوعا لحكم العقل بوجوب الامتثال، كما هو ظاهر استدلالهم بالمغايرة، إذ حينئذ على القول بالاتحاد كما هو التحقيق يكون عدم جوازه من جهة كون التكليف بنفسه محالا لا من جهة انه تكليف بالمحال، نظرا إلى وضوح استحالة تعلق الإرادة الفعلية بالممتنع، بخلافه على القول بالمغايرة فان المحذور فيه انما هو من حيث كونه تكليفا بالمحال وبما لا يقدر عليه المكلف، وفي مثله نقول بأنه على القول بالمغايرة وتسليم هذا المبنى الفاسد لا بأس بالقول بالجواز في المقام، و لكن الذي يسهل الخطب هو فساد أصل المبنى لما عرفت في محله من اتحاد حقيقة الطلب والإرادة وانه لا يتصور معنى آخر يكون هو الطلب في قبال الإرادة بحيث كان موضوعا للحكم بوجوب الامتثال وكان قابلا أيضا للتعلق بالمحال، وعليه فكان التحقيق في المقام هو عدم جوازه من جهة ما عرفت من كون مثل هذا التكليف بنفسه محالا، كما هو واضح.
(٣٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 374 375 376 377 378 379 380 381 382 383 384 ... » »»