نهاية الأفكار - تقرير بحث آقا ضياء ، للبروجردي - ج ٢ - الصفحة ٣٦٦
المكلف من ترك كلا الامرين كما في ضدين لهما ثالث، والا ففي مثل المقام المفروض عدم تمكن المكلف من ترك كلا الامرين لا يكاد مجال للامر التخييري وإعمال الجهة المولوية لا بالنسبة إلى ترك المجموع ولا بالنسبة إلى أحد الفعلين نظرا إلى امتناع الأول في نفسه وقهرية حصول أحد الفعلين، كما هو واضح. هذا إذا كان الضدان مما ليس لهما ثالث.
وأما إذا كان الضدان مما لهما ثالث بحيث يتمكن المكلف من ترك كلا الامرين معا كما في الامر بإنقاذ الغريقين وكما في مثل الصلاة و الإزالة ففي مثله لا إشكال في أنه ليس له ترك كلا الامرين معا وانه يجب عليه الاتيان بأحد الامرين مخيرا بينهما لا مجرد التخيير بينهما عملا كما في الصورة الأولى بلا إلزام شرعي أو عقلي في البين، وذلك من جهة ان الممنوع حينئذ انما هو وجوب كل واحد منهما عليه بإلزام تعييني على الاطلاق بنحو يقتضى المنع عن جميع أنحاء تروكه حتى الترك في حال وجود الاخر، واما وجوب كل واحد منهما عليه تخييرا فلا مانع يمنع عنه بعد فرض تمكن المكلف من إتيان أحد الامرين وتمكنه أيضا من ترك الجميع، فإنه حينئذ يكون كمال المجال لأعمال الجهة المولوية بالامر بهما تخييرا، وهذا بخلافه في الصورة الأولى فإنه فيها من جهة عدم تمكن المكلف من ترك كلا الامرين و قهرية حصول أحد الامرين عند ترك الاخر لا جرم لا يبقى في مثله مجال الأمر المولوي بأحد الامرين ولو بنحو التخيير بوجه أصلا فهذا مما لا إشكال فيه ولا كلام، وانما الكلام فيما ينتهى إليه مرجع هذا التخيير وانه هل هو راجع إلى تقييد الطلب في كل من الامرين بعد الاخر وعصيانه؟ أو راجع إلى غير ذلك؟ بل مثل هذا الكلام لا يختص بالمقام فيجري في كلية التخييرات الشرعية.
فنقول: ان المتصور في ذلك هو أمور:
أحدها: رجوعه إلى تقييد الطلب في كل من الواجبين بعدم الاخر اما بعدمه المحفوظ قبل الامر واما بعدمه المتأخر عن الامر المنتزع عنه عنوان العصيان الذي هو نقيض الإطاعة.
وثانيها: رجوعه إلى تقييد الواجب في كل منهما بعدم الاخر مع إطلاق الطلب فيهما، وذلك أيضا اما بأخذ القيد في كل منهما مطلق عدم الاخر بنحو يقتضى وجوب تحصيله واما بأخذه عبارة عن العدم الناشئ من قبل سائر الدواعي غير دعوة الامر غير دعوة الامر والطلب بحيث
(٣٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 361 362 363 364 365 366 367 368 369 370 371 ... » »»